للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الشرع (١)، هذا على فرض عدم وقوع التضييق من الزوجة، والامتناع من الدخول إلا بالمهر، كما وقع في هذه القصة. أما لو طلبت تعجيله، وامتنعت عن الدخول بها إلا بتسليمه فلا شك، ولا شبهة أن لها ذلك، لأنه ثم بضعها، وبه يستحل فرجها.

وقد ثبت عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " أن أحق ما يلزم الوفاء به ما استحلت به الفروج " (٢)، فلو كان التأجيل للمهر (٣) وبقاؤه دينا على الزوج لازما للزوجة، رضيت أم كرهت، لكان في هذه القصة المتقدمة لذلك الفقير فرجا ومخرجا، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان سيقول له: زوجتكها على مهر هو كذا، يكون دينا عليك حتى يرزقك لله، وبالجملة فنقل الواقعات الدالة على أن الثابت عنه


(١) انظر التعليقة السابقة.
(٢) أخرجه البخاري رق (٢٧٢١) ومسلم رقم (٦٣/ ١٤١٨) عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إن أحق الشرط أن يوفى به، ما استحللتم به الفروج ".
(٣) قال ابن قدامة في " المغني " (١٠/ ١١٥): ويجوز أن يكون الصداق معجلا، ومؤجلا، وبعضه معجلا وبعضه مؤجلا، لأنه عوض في معاوضة، فجاز ذلك فيه كالثمن، ثم إن أطلق ذكره اقتضى الحلول كما لو أطلق ذكر الثمن، وإن شرط مؤجلا إلى وقت، فهو إلى أجله.
وإن أجله ولم يذكر أجله، فقال القاضي: المهر صحيح، محله الفرقة فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة، هذا قول النخعي والشعبي.
وقال الحسن وحماد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، والثوري، وأبو عبيد: يبطل الأجل، ويكون حالا.
وقال إياس بن معاوية وقتادة: لا يحل حتى يطلق، أو يخرج من مصرها أو يتزوج عليها.
وعن مكحول، والأوزاعي، والعنبري: يحل إلى سنة بعد دخوله بها ".