للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وعن أهل عصره هو تسليم المهر للنساء قبل الدخول (١) بهن يحتاج إلى بسط طويل، ومن رام استيفاء ذلك فليبحث [في] (٢) الأمهات والمسانيد، وما يلتحق بذلك، وعندي أنه يجوز للمرأة أن تمنع نفسها من زوجها بعد دخوله بها حتى يسلم مهرها، على فرض أنه لم يسلمه قبل الدخول، لأنها تطلبه بدين عليه استحل به فرجها، أو هو يطلبها بما يجب له عليها من التمكين، وحقها مقدم على حقه، لأنه عوض بضعها الذي يطلبه منها، فلا حرج عليها إن منعت منه ما لم يوفها بعوضه، ومن لم يسوغ لها الامتناع بعد الدخول لم يحتج عليه بما يقوم به حجة، بل لمجرد رأي ومناسبة حاصلة، رعاية ما يجب للزوج بعد الدخول، وإهمال ما يجب للزوجة قبله وبعده. ولم يرد ما يوجب هذه الرعاية في جانب الزوج، ويسوغ الإهمال في جانب الزوجة، بل ورد ما يفيد خلاف ذلك، وهو أنعليه الوفاء بمهرها الذي استحل به بضعها، وحسن عشرتها. ومن أهم ما يجب عليه من حسن العشرة، وأقدم ما يلزم من المعروف الذي أمر الله به في محكم كتابه بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ ....................


(١) أخرج أبو داود في " السنن " رقم (٢١٢٥) من حديث ابن عباس: " أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منع عليا أن يدخل بفاطمة حتى يعطيها شيئا، ولما قال: ما عندي شيء، قال: فأين درعك الحطمية؟ فأعطه إياها " وهو حديث صحيح.
ومنها حديث سهل بن سعد وقد تقدم.
قال ابن قدامة: ويجوز الدخول بالمرأة قبل إعطائها شيئا، سواء كانت مفوضة أو مسمى لها. وبهذا قال سعيد بن المسيب، والحسن، والنخعي، والثوري، والشافعي.
وروي عن ابن عباس، وابن عمر، والزهري، وقتادة، ومالك: لا يدخل بها حتى يعطيها شيئا.
قال الزهري: مضت السنة أن لا يدخل بها حتى يعطيها شيئا، قال ابن عباس: يخلع إحدى نعليه ويلقيها إليها.
قيل: يحمل هذا - قول ابن عباس - على الاستحباب، أي يستحب أن يعطيها قبل الدخول شيئا.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.