للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهل كانا متشابهين في الخلق والطباع في العلم والأدب، فهل كان الكرملي يحفظ القرآن ويقتبس من آيه كما كان أبو اسحق، وهل صام رمضان مع المسلمين كما صامه أبو إسحاق متأدبا بالآداب الإسلامية متحلياً بأخلاق علماء العربية إلى غير ذلك من الخلال الطيبة والصفات الحميدة أو ليس ظلما أن يقال إن أنستاس كالصابي جد أبي الحسن هلال صاحب التاريخ.

لنترك ناحية الأخلاق والطباع فلا ينقص الكرملي إنه لم يقتد بالصابي وإن كان قدوة حسنة، ولنأتي (كذا) إلى الناحية الثانية من نواحي القياس، فقد ترك أبو اسحق طائفة من الكتب النافعة لم يترك مثلها أحد وحسبنا أن نأخذ من كتب كل منهما مثالين دلالة على أثر الفضل ومبلغ الثقافة والعلم في كل منهما. لقد ذكروا للكرملي ثلاثين مؤلفا في اللغة والأدب والتاريخ واللاهوت أشهرها كتاب الفوز بالمراد في تاريخ بغداد وكتاب تاريخ العراق، أما الأول فهو رسالة صغيرة جمعها من هنا وهناك (كذا) كما تجمع الأخبار النافية (كذا) والقصص الباهتة (كذا)، ولو وقع هذا التاريخ المنقوص بين يدي غريب من غرباء الأقطار النائية والأمصار البعيدة لم يعرف منزلة بغداد التاريخية في العصور الذهبية لما ظن عاصمة الخلافة وقاعدة الحضارة والثقافة إلا قرية محقرة من قرى العراق، ولو توفر لأحد صغار الطلاب

<<  <  ج: ص:  >  >>