أهل البيت أيضا، فيه يعرفون عدالة المسلم وصحة إيمانه، وكلما كان المسلم أصدق اتباعا لرسول الله فيما جاء به من الله كان أصح إيمانا وأصدق إسلاما. ومقياس الاتباع عندهم اتباع كتاب الله على ما فهمه الصحابة من رسول الله، واتباع سنته الصحيحة التي لم يمحص البشر أقوال رجلٍ في التاريخ وأعماله كما محص أهل السنة أحاديث هذا النبي الكريم وراقبوا أعماله. ولم يتناول التحقيق الإنساني صدق رواة الخبار أو كذبهم، وأهليتهم لحمل هذه الأمانة أو عدم أهليتهم لذلك، كما حقق ذلك أعلام السنة المحمدية.
هذا ميزان أهل السنة، وذاك ميزان الشيعة. والتشيع معناه العصبية لأشخاص، وأقبح العصبيات العصبية لأشخاص موهومين مكذوبٍ عليهم ومخترعة لهم شخصياتٌ لا تلائم دينهم وأخلاقهم وتقواهم لله عز وجل. وأصل هذا الكتاب (أعني التحفة الاثني عشرية) ألف لعرض هذين الميزانين وبيان حقيقتهما للشيعة وأهل السنة وللناس جميعا. وقد ألفه باللغة الفارسية عند انتهاء القرن الثاني عشر الهجري كبير علماء الهند في عصره شاه عبد العزيز الدهلوي (١١٥٩ - ١٢٣٩) أكبر أنجال الإمام الصالح الناصح شاه ولي الله الدهلوي (١١١٤ - ١١٧٦) وكان شاه عبد العزيز يُعد خليفة أبيه ووارث علومه. وكان رحمه الله مطلعا على كتب الشيعة متبحرا فيها وقد اختار لهذا الكتاب مع اسمه لقبا هو (نصيحة المؤمنين، وفضيحة الشياطين)، وذكر غرضه من هذا التأليف فقال:
«هذه رسالة في كشف حال الشيعة، وبيان أصول مذهبهم، ومآخذه، وطريق دعوتهم الآخرين إلى مذهبهم. وفي بيان أسلافهم، ورواة أخبارهم، وأحاديثهم، وبيان قليل من عقائدهم في الإلهيات، والنبوات، والإمامة، والمعاد».
وقال:«إن البلاد التي نحن بها ساكنون راج فيها مذهب الاثنى عشرية حتى قل بيت من أمصارها لم يتمذهب بهذا المذهب. وأكثرهم جهلة في علم التاريخ، غافلون عن أصولهم وما كان عليه أسلافهم الكرام». ثم قال: «وقد التزمت في هذه الرسالة أن لا أنقل شيئا من حال مذهب الشيعة وبيان أصولهم والإلزامات الموجهة إليهم إلا من كتبهم