للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} أي كلُّهم يُسِيءُ خُلُقَه في استخدامه، فهذا يأمره بشيء، وهذا ينهاه عن ذلك الشيء.

وقيل: متشاكسون: متنازعون فيه (١).

وقيل: يتضايقون من قولهم: رَجُلٌ شَكِسٌ.

وقيل: متظالمون، من قولهم: شكسني مالي، أي ظلمني فيه.

{وَرَجُلًا سَالِمًا لِرَجُلٍ} خالصاً من غير شركة (٢)، وكذلك {سَلَمًا}، أي ذا سَلْمٍ، وهو الخلوص أيضاً (٣).

والمعنى: من عبد آلهة شتَّى فهو مدفوع إلى طلب رضا جماعة، ومن عبد الله سبحانه وحده فهو كعبد لواحدٍ، وليس طلب رضى (٤) واحد كطلب رضى (٥) جماعة مختلفين، ولو كان الحقُّ هذا وعدلوا إلى واحد لكانوا اعذر منهم، وقد عدلوا عن الواحد إلى جماعة.

وقيل: هذا مثلٌ للكفَّار، أي لا ينتفعون (٦) بعبادة الله حيث أشركوا، وليسوا كمن ... أخلص.


(١) في (أ) " يتنازعون فيه ".
(٢) هذا المعنى على قراءة {سَالِمَاً} وبها قرأ ابن كثير والتي فسَّر بها المؤلف تفسيره، ووافقه أبو عمرو، وقرأ الباقون: {سَلَمًا} [انظر: السبعة (ص: ٥٦٢)، الحُجَّة (٦/ ٩٤)، التيسير (ص: ١٥٣)].
(٣) قال ابن جرير في توجيه القراءتين: " والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرَّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وذلك أن السَّلَم مصدرٌ، من قول القائل: سَلِم فلانٌ لله سَلَمَاً، بمعنى خَلَصَ له خُلُوصَاً، تقول العرب: رَبِحَ فلانٌ في تجارته رِبْحَاً وَرَبَحَاً، وسَلِمَ سِلْمَاً وسَلَمَاً وسَلامَةً، وأنَّ السَّالم من صفة الرَّجُل وسَلَمٌ مَصْدَرٌ من ذلك.
وأمَّا الذي توهَّمه من رغب عن قراءة ذلك {سَلَمًا} من أنَّ معناه صُلْحَاً فلا وجه للصُّلح في هذا الموضع، لأنَّ الذي تقدَّم من صفة الآخر، إنما تقدم بالخبر عن اشتراك جماعة فيه دون الخبر عن حربه بشيء من الأشياء، فالواجب أن يكون الخبر عن مُخَالِفه بِخُلوصِهِ لواحدٍ لا شريك له، ولا موضع للخبر عن الحرب والصُّلح في هذا الموضع ". ... [جامع البيان (٢٣/ ٢١٣)].
(٤) في (ب) " رضا ".
(٥) في (ب) " رضا ".
(٦) في (ب) " فلا ينتفعون ".

<<  <   >  >>