للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أفمن حقَّ عليه كلمة العذاب كمن يهديه الله، وحذف؛ لأن الآية الأولى تدُلُّ عليه.

الفَرَّاء: "تقدير الآية: أفأنت تنقذ من حقَّت عليه كلمة العذاب " (١) فلمَّا وقع الاستفهام غير موقعه (٢) أعيد (٣).

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} أي: لهم علالي فوقها علالي (٤)، درجات بعضها أرفع من بعض؛ ليتخيروا منها ما أحبُّوا، ويكونوا منها حيث شاؤا.

وقيل: لهؤلاء ظُلل من النار، ولهؤلاء غرف من الجنَّة.


(١) معاني القرآن (٢/ ٤١٨).
(٢) في (ب) " عن موضعه ".
(٣) قال النَّحاس: " وقوله جلَّ وعزَّ: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩)}: يقال: كيف جيء باستفهامين، وقد أجمع أهل العربية، أنه لا يجوز استفهامان في اسم وخبره؟ ففي هذا جوابان:
أحدهما: أن العرب إذا طال الكلام، كرَّرت توكيداً، وكذلك قال سيبويه في قول الله جلَّ وعزَّ: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥)} [المؤمنون: ٣٥].
المعنى على هذا: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟
والكلام شرط وجوابه، وجيء بالاستفهام، ليدل على التوقيف والتقرير.
قال الفَرَّاء: المعنى: أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب؟
قال أبو جعفر: وهذا والأول واحدٌ؟
والجواب الآخر: أنَّ في الكلام حذفاً.
والمعنى: أفمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص، أو ينجو؟
ثم حذفَ الجواب، وكان ما بعده مستأنفاً
والمعنى: أفمن سبق في علم الله جلَّ وعزَّ أنه يدخل النار ينجو أو يتخلص؟ ". [معاني القرآن (٦/ ١٦٣) وانظر: معاني القرآن؛ للفراء (٢/ ٤١٨)، جامع البيان (٢٣/ ٢٠٧)، الكشاف (٤/ ١٢٣)، التسهيل (٣/ ١٩٣)، أضواء البيان (٧/ ٥٠)، وفيه رجَّح الشنقيطي القول الثاني إذ يقول: " أما القول بأن الكلام جملة واحدة شرطية، كما قال الزمخشري: " أصل الكلام: أمَّن حق عليه كلمة العذاب، فأنت تنقذه جملة شرطية دخل عليها همزة الإنكار والفاء فاء الجزاء، ثم دخلت الفاء التي في أولها للعطف على محذوف يدل عليه الخطاب تقديره: أأنت مالك أمرهم، فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه؟ والهمزة الثانية: هي الأولى كرِّرت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد، ووضع {مَنْ فِي النَّارِ} موضع الضمير، فالآية على هذا جملة واحدة، فإنه لا يظهر كل الظهور"].
(٤) انظر: جامع البيان (٢٣/ ٢٠٩).

<<  <   >  >>