للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: يُنْقَص من مدة عمره، وهذا فيمن أجاز الزيادة والنقصان في العمر، فإن كعباً قال لما طُعِن عمر - رضي الله عنه -: "لو دعا الله عمر لأخَّر في أجله" فقيل له: أليس الله يقول {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: ٣٤] قال كعب: أما تقرؤن {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} " (١).

والثاني: أن الهاء يعود إلى آخر، كأنه قال: ولا يُنقص من عمر آخر، وإليه ذهب الفرَّاء (٢)، وابن عيسى، والنقاش (٣)، وجماعة من المفسرين (٤)، وقالوا هذا كقول القائل (٥): له علي درهم ونصفه، فإن الضمير إلى درهم آخر كذلك هاهنا، وإذا دققت النظر وجدت الهاء في هذا القول الثاني أيضاً يعود إلى المعمر لأن التقدير: ولا ينقص آخر من عمر هذا المعمر، أي: من مقدار عمره لأن الأعمار متفاوتة خصوصًا عند من لا يجوز القول في زيادة العمر ونقصانه وهو مذهب الجمع، والله أعلم.

{إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ} أي: حفظ ذلك.

{عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١)} سهل. وقيل: إن زيادة عمر إنسان ونقصان عمر آخر على الله يسير (٦).


(١) انظر: معالم التنزيل للبغوي (٦/ ٤١٦).
(٢) في معاني القرآن (٢/ ٣٦٨).
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ٩٤٧).
(٤) وهو رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، وبه قال مجاهد، والضحاك، وابن زيد.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٣٤٤، ٣٤٣) قال: "هو أظهر معنييه، وأشبههما بظاهر التنزيل"، قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٥٨) "هو كما قال"، وانظر أيضاً: زاد المسير (٦/ ٤٨٠).
(٥) في ب: "وقالوا كقول القائل" بغير "هذا".
(٦) في أ: "إن زيادة عمر الإنسان ونقصان عمر آخر على الله يسيرة".
انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٦٦).

<<  <   >  >>