للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان أصحاب الكهف فتيانا مطوقين مسوّرين ذوي ذوائب، وكان معهم كلب صيدهم فخرجوا في عيد لهم عظيم في زي ومركب وأخرجوا معهم آلهتهم التي يعبدونها من دون الله وقد قذف الله تعالى في قلوب الفتية الإيمان، وكان أحدهم وزير الملك فآمنوا وأخذ كل واحد منهم الإيمان من صاحبه فقالوا في أنفسهم: من غير أن يظهر بعضهم لبعض نخرج من بين أظهر هؤلاء القوم لا يصيبنا عقاب بجرمهم، فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة فجلس فيه ثم خرج آخر فرآه جالساً وحده فرجا أن يكون على مثل أمره (١) من غير أن يظهر ذلك فجلس إليه ثم خرج الآخرون فجاؤا فجلسوا إليهما واجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ما جمعكم؟ ، وقال الآخر ما جمعكم؟ وكل واحد يكتم صاحبه إيمانه مخافةً على نفسه، ثم قالوا: ليخرج كل فتيين منكم فيخلوا ثم يفش كل واحد منهم لصاحبه، فأقبلوا مستبشرين أن قد اتفقنا على أمر واحد فإذا هم جميعاً على الإيمان وإذا كهف في الجبل قريب منهم فقال بعضهم لبعض: أُؤوا {(إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (١٦)} فدخلوا الكهف ومعهم كلبُ صيدهم فناموا ثلثمائة سنين، قال: وفقدهم قومهم فطلبوهم فعمىّ الله عليهم آثارهم وكهفهم، فلما لم يقدموا كتبت أسماءهم وأنسابهم في لوح؛ فلان وفلان وفلان أبناء ملوكنا فقدناهم في شهر كذا في سنة كذا في مملكة فلان بن فلان ووضعوا اللوح في خزانة الملك، وقالوا: ليكونن لهذا شأن ومات ذلك الملك وجاء قرن بعد قرن (٢).


(١) في ب: " أن يكون على مثله".
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٥/ ١٧٣)، والبغوي في معالم التنزيل (٥/ ١٤٨).

<<  <   >  >>