للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجبل حتى رأوا وأبصروا، وقال الآخر: قد عملت حسنة مرة كان فيّ فضل وأصابت الناس شدة فجاءتني امرأة فطلبت مني معروفاً فقلت: والله ما هو دون نفسك، فأبت عليّ وذهبت ثم رجعت، فذكرتني فأبيت وقلت: لا والله ما هو دون نفسك فأبت عليّ وذهبت وذكرت لزوجها فقال لها: أعطيه نفسك وأغيثي عيالك، فرجعت إلي ونشدتني بالله فأبيت عليها وقلت لها: والله ما هو دون نفسك فلما رأت تلك أسلمت لي نفسها، فلما تكشفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي فقلت لها: ما شأنك؟ قالت: أخاف الله رب العالمين. فقلت لها: خفته في الشدة ولم أخفه في الرخاء فتركتها وأعطيتها ما يحق عليّ بكشفها اللهم (١) إن فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا، فانصدع حتى عرفوا وتبيّن لهم، وقال الآخر: قد عملت مرة حسنة كان لي أبوان شيخان كبيران وكانت لي غنم وكنت أطعم أبوي وأسقيهما ثم ارجع إلى غنمي، قال: فأصابني يوماً غيث حبسني حتى أمسيت فأتيت أهلي فأخذت محلبي فحلبت غنمي وتركتها قائمة فمضيت إلى أبوي فوجدتهما قد ناما فشق علي أن أوقظهما وشق علي أن أترك غنمي فما برحت جالساً ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما، اللهم إن فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا. قال النعمان (٢): لكأني أسمع من رسول الله عليه السلام قال: " قال الجبل: طاق فَفَرَّجَ الله عنهم فخرجوا " (٣).


(١) "اللهم" ساقط من (أ).
(٢) النعمان بن بشير، تنظر ترجمته ص: ٥٠
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٢٣٠٧، ٢٣٠٨)، وذكره السيوطي في الدر (٩/ ٤٨٩) وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، قال عنه ابن حجر في الفتح (٦/ ٥٨٥) إسناده حسن، وأخرج البخاري نحوه عن ابن عمر (ك: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الغار، ح: ٣٤٦٥).

<<  <   >  >>