للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن خلدون في المقدمة: "إن أهل الحجاز لقنوها (أي الكتابة) من الحيرة، ولقنها أهل الحيرة من التبابعة وحمير، وهو أليقُ الأقوال".

* * *

ولما بزغت شهس الإسلام في الحجاز وكتب القرآن في المصاحف منقوطاً مشكولاً تحسن الخطة وساير الحضارة في بلاد العرب والإسلام تقدماً وإزدهاراً على يد المبدعين من نوابغ الخطاطين حتى بلغ غاية الجمال والكمال على يد الوزير أبي علي بن مقلة الذي جاء على رأس القرن الثالث للهجرة، فهو الذي هندس الحروف وأجاد تحريرها. وعنه انتشر الخط المعروف في مشارق الأرض ومغاربها قال أبو حيان التوحيدي في رسالته (علم الكتابة) فيما رواه عن ابن الزنجي قال: "أصلح ألخطوط وأجمعها لأكثر الشروط، ما عليه أصحابنا في العراق؛ فقيل له: ما تقوم في خط ابن مقلة؟ قال: ذاك نبيُّ فيه، أُفرغّ الخط في يده كما أوحي إلي النحل في تسديس أبياتها".

وقال الصاحب بن عباد:

خط الوزير ابن مقلة ... بستان قلب ومقله

وقال آخر:

وأجاد السطور في صفحة الخدَّ ... ولم لا يجيد وهو ابن مقله

واستمر الخط العربي يتطور إبداعاً وجمالاً، وتعددت أنواعه، فكان منها الكوفي الرائع والديواني والفارسي والنسخ والثلث، ورسمت الطغراء، وكتبت المصاحف موشاة بماء الذهب ومنقطة بالألوان المتآلفة.

وفي حسن الخط قال إبراهيم الصولي: "يوصف الخط بالجودة إذا اعتدلت أقسامه، وطالت ألفه ولامه، واستقامت سطوره، وضاهى صعوده حدورُه،

<<  <   >  >>