الأول: رد الماوردي على مَن يقول بأنَّ الإلهام حُجة، فقال:(نقول له: لِمَ قلت ذلك؟ فإنِ استدل بغير الإلهام مِن الأدلة فَقَدْ ناقض، وإنِ استدل بالإلهام فَقَدِ استدل على الشيء بنفسه)(١).
وحذف الروياني هذا الدليل. وبعْم ما فعل، لأنَّ القائل بالإلهام لا يمنع الاحتجاج بغيره مِن الأدلة، والقائل به إنما يقول ذلك، لا أنه يحصُر الدليل في الإلهام، فلا يقال له: ناقضت.
الثاني: منهم مَن حمل قول الاحتجاج بالإلهام على أنَّ فيه تقوية لِمَا يَكون حُجة شرعية، لا أنه دليل مستقل كما يقال: الإجماع دليل، القياس دليل، إلى غير ذلك.
وقد أفاد الماوردي والروياني أن مَن يقول:(إنَّ الإجماع يكون بغير سند) أنه اعتمد على التوقيف المجرد.
الثالث: قد تَقدم أن النور المقذوف في القلب لا مانع منه، فكيف يناسب هذا ما قاله القوم: إنَّ الكرامة لا يظهرها صاحبها باختيار. وما ذكرتم فيه أنه يقصد إظهارها؟
وجوابه أن هذا قول لبعض الأئمة، وقد قال إمام الحرمين في "الشامل": إنه غير مَرْضِي عند المحصلين. بل قد يُظهرها اختيارًا، إما لبشارة أو نذارة أو تربية، فربما قصد الشيخ أنْ يُظهِر لمريده كرامة، تربيةً له، ليزيده فيه اعتقادًا يَحْمِله على الانقياد له، بِشَرْط أن لا يقارِن ذلك مُشَوِّش مِن رؤية النفْس أو نحو ذلك كما أشار إليه الشافعي - رضي الله عنه - بقوله: أود أنْ يشيع