للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن السبكي في "شرح المختصر": (ومع كوننا لا ننكره فَلَسْنَا نزعم أنه حُجة شرعية، وإنما هو نور في القلب يخص الله به من يشاء من عباده، فإذا وافق الشرع، كان الحجة ذلك الشرع، لا ما قام في الذهن. ونقول: رُب صالح عالِم مطعمه حلال ومشربه حلال وملبسه حلال -يختصه الله بأنْ يلهمه الصواب، ولا يَحِل له في ظاهر الشرع الاحتجاج بذلك؛ لأنه ليس بمعصوم؛ فلا ثقة له بخواطره) (١).

قولي: (وَلَيْسَ مَا يَحْصُلُ مِن ذَا الْمُلْهَمِ) البيت إشارة إلى ما قاله الإمام شهاب الدين السهروردي في بعض "أماليه": إن الإلهام علوم تحدث في النفوس المطمئنة الزكية.

قال: وفي الحديث: "إن من أُمتي محدثين ومكلمين، وإن عمر منهم"، وقال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٨]، فأخبر أن النفوس ملهمة، والنفس الملهمة علومًا لدنيَّة هي التي تَبدلت صفتها واطمأنت بعد أن كانت أمَّارة.

ثم نبه على أمر حسن يرتفع به الخلاف، فقال: وهذا النوع لا يتعلق به المصالح العامة من عالم الملك والشهادة، بل تختص فائدته بصاحبه دُون غيره؛ إذ لم يكن له ثمرة السراية إلى الغير على طريق العموم وإنْ كانت له فائدة تتعلق بالأغيار على وجه خاص.

قال: وإنما لم يكن له ثمرة السراية إلى الغير على طريق العموم لكون محله النفس وقربها من الأرض والعالم السفلي، بخلاف المرتبة الأُولى وهي الوحي الذي قام به الملَك [المُلَقَّى] (٢)؛ لأنَّ محله المجانس للروح [الروحاني] (٣) العلوي.


(١) رفع الحاجب (٤/ ٥٩١).
(٢) أو: المُلْقِي.
(٣) كذا في (ق)، لكن في (ش): الهيجاني. وفي (ص، س، ت، ض): الريحاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>