للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذا العِلم في الناس ولا يُنْسَب إلَيَّ منه شيء.

الرابع: يَقْرُب مِن الإلهام مَن رأى في منامه النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمره بشيء أو ينهاه عن شيء، ومَن رآه فقد رآه حقًّا.

قال أصحابنا: لا يجوز اعتماده؛ لعدم ضبط الرائي؛ فإنَّ النائم لا ضبط له، وغاية الرائي أنه راوٍ. كذا جزم به القاضي حسين في "فتاويه" في الصوم، وقال: لو قال لنا قائل: "رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وقال لي: غدًا من رمضان"، قُلنا له: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليقظة: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" (١).

وكذا جزم جهذا الحكم الرافعي في "كتاب النكاح" وغَيْرُ واحد، وعللوه بما ذكرناه.

وفيه نظر؛ فإنَّ الصبي إذا تحمَّل وأدَّى بَعْد البلوغ ما ضَبَطَه، قُبِل وعُمِل بقوله.

وغاية هذا النائم أنه قد لا يضبطه، فإذا ضبط وحَقَّق هذا، فلِمَ لا يُعمل به والكلام فيما ليس فيه مخالفة لِمَا وَرَد عنه في اليقظة ولا موافَقة؟ فإنَّ الموافِق لا يُحتاج إليه، والمخالِف مطرح بما في اليقظة كما أشار إليه القاضي الحسين فيما سبق.

وعَلله الشيخ تقي الدين السبكي بأنَّ الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مَن رآه في النوم فقد رآه حقًّا، ولم يخبر بأنه يقول له أو يُكلمه.

قال: والنائم ليس على يقين مِن كلامه؛ فمِن هنا كان غير حُجة.

قال في "شرح المنهاج" في "باب الوصية": فنقول للنائم: الذي جاءت به الشريعة تصديقك في أنك رأيت، لا في أنك سمعت. فإنْ قال: لا أَمْتَرِي في سماع نفسي. قُلنا له: حُكم الله لا يُتَلَقَّى إلا مِن لفظٍ أو مِن استنباط، ولَسْتَ في شيء منهما، ولَسْنَا على قَطْع بأنَّ


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>