للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبهذا يظهر الجواب عما ذكر فيه مِن إشكال مِن حيث إنَّ تفريع مظنة القذف على مظنة الوطء حقه أنْ يتساويا في الحد كما تَساويَا في التحريم؛ لأنَّ الوفاء بإقامة المظنة مقام المظنون أن يوجَب الحد بالخلوة، ولا قائل به. فصار في جعل الشرب مظنة القذف زيادة وجوب عقوبة ليست موجودة في الأصل الذي هو إلحاق الخلوة بالوطء؛ لأنَّ ذلك إنما هو في الحرمة فقط.

فيقال في جوابه: إنما أخذنا باعتبار الشرع الجنس في جنس الحكم، وجنس الحكم يشمل التحريم والعقوبة وإن تَغايرَا؛ إذ لو اتحد في الموضعين لكان مِن اعتبار الجنس في العين. فَتَأَمَّله.

واعلم أن المراد بالجنس دائمًا هو القريب، لا البعيد.

وأعلى هذه الثلاثة ما أثَّر عين الوصف في جنس الحكم؛ لأنَّ الإبهام في العلة أكثر محذورًا من الإبهام في المعلول، ثم عكسه، ثم الجنس في الجنس.

وأقسام "الملائم" كلها يسوغ التعليل بها عند الجمهور؛ لأنَّ الله تعالى شَرَّعَ أحكامه لمصالح العباد، وعُلِم ذلك بطريق الاستقراء، وذلك من فضل الله تعالى وإحسانه، لا بطريق الوجوب عليه، خلافًا للمعتزلة.

فإذا وُجِد وصفٌ صالح للعِلية وقد اعتبره الشرع بوجْهٍ مِن الوجوه السابقة، غلب على الظن أنه عِلة للحكم.

وأما "المُلْغَى": وهو الذي عُلِم أن الشارع ألغاه مع أنه مُتَخيَّل المناسبة فلا خلاف في أنه لا يجوز التعليل به. وذلك كإيجاب صوم الشهرين ابتداء على المجامِع في نهار رمضان إذا كان مَلِكًا؛ لأنَّ العتق سهل عليه، فلا يُرْدِعُه عَمَّا وقع منه إلا الصوم شهرين؛ ولهذا أنكروا على يحيى بن يحيى بن كثير الليثي - صاحب مالك - إمام أهل الأندلس حيث أفتى بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>