للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ملوك المغاربة بذلك وهو الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأُموي المعروف بِـ "الرَّبَضِي" (١) صاحب الأندلس، وكان قد نظر في رمضان إلى جارية له كان يحبها حبًّا شديدًا، فعبث بها ولم يملك نفسه أنْ وقع عليها، ثم ندم ندمًا شديدًا، فسأل الفقهاء عن توبته وكفارته، فقال له يحى بن يحمى: تصوم شهرين متتابعين. فلمَّا بَدر يحيى سكت بقية الفقهاء حتى خرجوا من عنده، فقالوا ليحيى: ما لك لم تُفْتِه بمذهب مالك وهو التخيير بين العتق والإطعام والصيام؛ فقال: لو فتحنا له هذا الباب سَهُل عليه أنْ يَطأ كل يوم ويعتق رقبة، ولكن حَملْتُه على أصعب الأمور؛ لئلَّا يَعُود.

وأما "المرسل": فهو ما لم يُعْلم أن الشرع ألغاه أو اعتبره. وربما سمي ذلك: "المصالح المرسلة". والخلاف فيها محكي عن مالك. وفي كلام ابن الحاجب ما يقتضي انقسام "المرسل" إلى مُرْسَل ملائم ومرسل غريب. أي: إنِ اعتُبر جنسه البعيد في جنس الحكم فهو الملائم، وإلا فهو "الغريب".

فالغريب بهذا التفسير غير الغريب بالتفسير السابق.

قال ابن الحاجب: (فإنْ كان - أيِ المرسل - غريبًا أو ثبت إلغاؤه فمردود اتفاقًا) (٢).

أي: ولأ يُظَن بمالك أن يخالف فيه.

قال إمام الحرمين: (لا نرى التعلُّق عندنا بكل مصلحة، ومَن ظن ذلك بمالك فقد أخطأ) (٣). انتهى

نعم، سبق أن ما ثبت إلغاؤه قَسِيم للمرسل، لا قِسم منه، ولا مشاححة في الاصطلاح.


(١) نِسبة إلى "الربض": موضع بقرطبة.
(٢) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل (٢/ ١٠٩٨)، الناشر: دار ابن حزم.
(٣) البرهان في أصول الفقه (٢/ ٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>