للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومثال "الغريب" -وسمي بذلك لأنه لم يشهد له غير أصله بالاعتبار- الطعم في الربا، فإنَّ نوع الطعم مؤثِّر في حُرمة الربا، وليس جنسه مؤثرًا في جنسه.

وأما الثلاثة الأخرى فتسمَّى الملائم؛ لكونها موافقة لِمَا اعتبره الشرع.

فمثال ما اعتبر الشرع عَيْن الوصف فى جنس الحكم: امتزاج النسبين في الأخ مِن الأبوين، اعتُبِر في تقديمه على الأخ مِن الأب في الإرث، وقِسْنَا عليه تقديمه عليه في ولاية النكاح وفي الصلاة ونحوها في الميت وتحمُّل العقل وغير ذلك من الأحكام، فإنه وإنْ لم يعتبره الشرع في عَيْن هذه الأحكام لكن اعتبره في جنسها وهو التقدُّم في الجملة.

ومثال ما اعتُبر فيه جنس الوصف فى عين الحكم: المشقة المشتركة بين الحائض والمسافر في سقوط القضاء، فإن الشارع اعتبرها في عَيْن سقوط القضاء في الركعتين من الرباعية، فسقط بها القضاء في صلاة الحائض؛ قياسًا. وإنما جُعِل الوصف هنا جنسًا والإسقاط نوعًا؛ لأنَّ مشقة السفر نوع مخالف لمشقة الحيض، وأمَّا السقوط فأمر واحد وإنِ اختلفت محالّه.

ومثال ما اعتُبر فيه جنس الوصف فى جنس الحكم: ما رُوي عن علي - رضي الله عنه - في شارب الخمر أنه: "إذا شرب هَذَى (١)، وإذا هَذَى افترى؛ فيكون عليه حد المفتري". أي: القاذف. ووافقه الصحابة عليه، فقد أوجبوا حد القذف على الشارب لا لكونه شرب، بل لكون الشرب مظنة القذف، فأقاموه مقام القذف؛ قياسًا على إقامة الخلوة بالأجنبية مقام الوطء في التحريم؛ لكون الخلوة مظنة له. فظهر أن الشارع إنما اعتبر المظنة (التي هي جنس لمظنة الوطء ومظنة القذف) في الحكم (الذي هو جنس لإيجاب حد القذف وحرمة الوطء).


=داود: ١٨١).
(١) يعني: صَدَر منه الهذيان، وهو كلام غَيْر مَعْقُول. لسان العرب (١٥/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>