للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ففرق بين أن يقال: "كل حبة من البُر غير متقومة" وأن يقال: "كل الحبات منه غير متقوم"، فالأول صحيح؛ لأنه كُلٌّ عددي، والثاني غير صحيح؛ لأنه كُلٌّ مجموعي.

وضُعِّف قوله بأن ذلك إنما هو بحسب الإرادة إذا اقتضاها قرينة؛ فقد قرر هو قبل ذلك أن قولنا: "كل شيء" ليس معناه "كل الشيء"؛ لأن الأول عددي والثاني مجموعي، والفرق بينهما ظاهر. فالخلل إنما جاء مِن تمثيله بِـ "كل حبة" و"كل الحبات".

ثانيها: إذا دخلت "كل" على جمع أو اسم جمع مُعرف باللام وقُلنا بعمومها، فهل المفيد له الألف واللام، و"كل" تأكيد؟ أو هي لبيان الحقيقة، و"كل" لتأسيس إفادة العموم؟ الثاني أظهر؛ لأن "كُلًّا" إنما تكون مؤكِّدة إذا كانت تابعة.

وقد يقال: اللام أفادت عموم مراتب ما دخلت عليه، و"كل" أفادت استغراق الأفراد. فنحو: "كل الرجال" تفيد فيها الألف واللام عموم مراتب جمع الرجل، و"كل" استغراق الآحاد.

ولهذا قال ابن السراج في الأصول: (إنَّ "كل" لا تدخل في المفرد والمعرف بالألف واللام إذا أريد بكل منهما العموم). انتهى

وهو ظاهر؛ ولهذا مُنع دخول: "أل" على "كل"، وعِيب قول بعض النحاة: بدل الكل من الكل.

ص:

ثالثها: ليس من دخولها على المفرد المعرف نحو قوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [آل عمران: ٩٣]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل الطلاق واقع إلا طلاق المعتوه (١)؛ لأن الظاهر أنها مما هو في معنى الجمع المعرف حتى يكون لاستغراق الأفراد لا الأجزاء.


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>