للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رابعها: محل عمومها إذا لم يدخل عليها نفي متقدمًا عليها، نحو: "لم يَقُم كل القوم"، فإنها حينئذٍ للمجموع، والنفي وارد عليه، ويسمى "سلب العموم"، بخلاف ما لو تأخر عنها نحو: "كل إنسان لم يقم"، فإنها حينئذٍ لاستغراق النفي في كل فرد، ويسمى "عموم السلب".

وهذه القاعدة متفق عليها عند أرباب البيان، وأصلها قوله -صلى الله عليه وسلم-في حديث ذي اليدين: "كل ذلك لم يكن" (١) جوابًا لقوله: (أنسيمت؟ أَم قصرت الصلاة؟ ). أي: لم يكن كل من الأمرين، لكن بحسب ظنه -صلى الله عليه وسلم-؛ فلذلك صحَّ أن يكون جوابًا للاستفهام عن أي الأمرين وقع. ولو كان لنفي المجموع لم يكن مطابقًا للسؤال ولا لقول ذي اليدين في بعض الروايات: (قد كان بعض ذلك) (٢)، فإن السلب الكلي [نقيضه] (٣) الإيجاب الجزئي. ومحل بسط ذلك عِلم البيان.

قال القرافي: وهذا شيء اختصت به "كل" من بين سائر صيغ العموم.

واعلم أن حُكم النهي فيما ذكر حكم النفي، فيُفرق بين "كل عالم لا تهنه" وبين "لا تُهن كل عالم".

والظاهر أن الشرط كذلك، نحو: "كل عبد لي إن حج فأعتقه"، أو: "فهو حر"، فيشمل كل فرد فرد، بخلاف: "إن حج كل عبد من عبيدي"، لا يعتق أحد منهم حتى يحج الجميع.

ومنه نحو قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} [الأنعام: ٢٥] المراد المجموع، فهو أبلغ، ويلزم منه أنهم إذا رأوا بعض الآيات لا يؤمنون بها من باب أَولى.


(١) صحيح مسلم (رقم: ٥٧٣)، وغيره.
(٢) صحيح مسلم (رقم: ٥٧٣).
(٣) في (ت): يقتضيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>