فقد جعله - صلى الله عليه وسلم - عامًّا في الأحوال).
قال: (ثم ظهر لي أنَّ العموم في الأحوال إنما جاء من صيغة "إذا" الشرطية، فإنها ظرف، والأمر متعلق بها، والمعلَّق على شرط يقتضي التكرار، والظرف يشمل جميع الأوقات) (١).
نعم، قال الشيخ تقي الدين في مصنفه في "كل": إن تقرير الباجي المتقدم -وكذا ما في "شرح الإلمام"- قد يُعترض عليه بأن عدم تكرار الجَلْدِ مثلًا معلوم مِن كون الأمر لا يقتضي التكرار وبأن "المطلق" هو الحكم، و"العام" هو المحكوم عليه، وهُما غيران، فلا يصلح أن يكون ذلك تأويلًا لقولهم: العام مطلق.
قال: فينبغي أن يهذب هذا الجواب، ويجعل العموم والإطلاق في لفظ واحد، بأنْ يقال: المحكوم عليه -وهو الزاني مثلًا أو المشرك- فيه أمران، أحدهما: الشخص، والثاني: الصفة، كالزنا والشرك مثلا. فأداة العموم لَمَّا دخلت عليه أفادت عموم الشخص، لا عموم الصفة، والصفة باقية على إطلاقها، فهذا معنى قولهم:"العام في الأشخاص مُطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع". أي: كل شخص حصل منه مطلق زنا حُدَّ، أو مطلق شِرك قُتل بشرطه، ورجع العموم والإطلاق إلى لفظة واحدة باعتبار مدلولها مِن الصفة والشخص المتصف بها. ثم إنه مع هذا لا يكون كون الصفة مطلقة يحمل على بعض مُسماها؛ لأنه يَلزم منه إخراج بعض الأشخاص.
نعم، لو حصل استغراق الأشخاص، لم يحافظ مع ذلك على عموم الصفة؛ لإطلاقها.
تنبيه:
مما يوافق المختار في المسألة -وهو العموم في الأحوال والأزمنة والبقاع والمتعلقات-