للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجوب العمرة من القرآن بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦].

قلتُ: إن كان الأمر بالإتمام بعد الشروع فلا يكون أمرًا بالشروع؛ لأنه تحصيل الحاصل. وإن كان قبل الشروع فهو أمر بالأصل عُبر عنه بالإتمام، كما في: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧]، لا من حيث إنَّ الأمر بالإتمام تضمنه.

ولهذا قال بعض أصحابنا: إن في الآية دليلًا على أنَّ وجوب الحج كان في السنة السادسة في الحديبية؛ لأن الأمر ورد ونزلت آيته حينئذٍ ولم يكونوا في حج حتى يؤمروا بالإتمام؛ فَتَعيَّن أن يكون أمرًا بأصل الحج عُّبر فيه بالإتمام.

وأما العمرة فإن كانت الآية نزلت وقد أحرموا بها فلا دليل على وجوب العمرة؛ لأن الشروع تحصيل الحاصل، والإتمام واجب وإنْ كان الابتداء تطوعًا؛ [لآن] (١) هذا حكم الحج والعمرة باتفاق. وإنْ لم يكونوا عند نزول الآية مُحْرمين بالعمرة فالأمر لأصل العمرة كما قلناه في الحج ولكن عُّبر بالإتمام فيهما.

الثالث: الأمر بصفة [شيء] (٢) هل يقتضي الأمر بالموصوف؟

قال الشيخ أبو إسحاق: (نعم، كالأمر بالطمأنينة في الركوع والسجود يكون أمرًا بهما). قال: وغلطت الحنفية حيث استدلوا على وجوب التلبية في الإحرام بما رُوي أن جبريل نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مُر أصحابك ليرفعوا أصواتهم بالتلبية" (٣). فجعلوا الندب إلى الصفة -وهي رفع الصوت بها- دليلًا على وجوبها.


(١) من (ص، ش).
(٢) في (ص): الشيء.
(٣) سنن ابن ماجه (رقم: ٢٩٢٣)، سنن النسائي (٢٧٥٣). قال الألباني: صحيح. (صحيح النسائي: ٢٧٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>