حتى يكون الأمر بهذه الكيفية للوجوب، فكيف يستدل بها على وجوب الأصل؟
ثم الذين أوجبوا الصلاة لم يوجبوا هذه الكيفية، حتى لو قال:(اللهم صَلِّ على محمد)، اكتُفِي به. ثم إن هذا طريقة الإمام؛ لأن عنده أنَّ الأمر بعد الحظر للوجوب كما سبق. أما إذا قُلنا بأنه للإباحة كما سبق أو للاستحباب، لا ينتهض الدليل من ذلك.
نعم، لوجوب الصلاة في الصلاة أدلة غير ذلك مُبيَّنة في محلها من الفقه، والله أعلم.
مِن مباحث الأمر ما ذكرته مِن هذه المسائل، فمن ذلك أن الأمر هل يقتضي طلب إيقاع المأمور به مرة؟ أو أكثر؟ أو لا يقتضي شيئًا من الأمرين؟
الصحيح الثاني، أي لا يدل على ذلك بذاته، بل إنْ قُيد لفظ الأمر -ولو بدليل منفصل- بالمرة أو بالتكرار، كان كذلك قطعًا. وكذا إذا دل المعنى على مرة كـ "اقتل زيدًا" و"أَعْتِق سالمًا" أو تكرر كـ "اترك الغيبة"، فقد سبق أنَّ هذا وإن كان في معنى النهي فهو أمر مع كونه للتكرار، [لقرينة](١) كونه في معنى النهي.
فإذا لم يكن شيء من ذلك فإنما يفيد طلب الماهية من غير إشعار بوحدة ولا بكثرة، إلا أنه لا يمكن إدخال الماهية في الوجود بأقل من مرة، فصارت المرة مِن ضرورة الإتيان