للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأمر فيه للوجوب، كالختان وقطع السارق، فليكن في مسألتنا للوجوب، فإنه كان ممنوعًا لو لم نَقُل بوجوبه.

وجوابه: أن القاعدة قد نُقِضت كما سبق في الكلام في أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى تقدير التسليم فهي مفروضة في شيء كان ممنوعًا منه على تقدير عدم وجوبه، وهذه في ممنوع على الإطلاق، لا لممنوع على هذا التقدير؛ فافترقا.

قولي: (أَوْ بَعْدَ الِاستئذَانِ) أي: إن الصيغة إذا وردت بعد الاستئذان إذا جرى استئذان تكون كالواردة بعد الحظر حتى يكون المرجَّح فيها الإباحة؛ لقرينة الاستئذان. ذكر ذلك في "المحصول".

إلا أن قصده أن تكون للإيجاب على أصلها وأن الاستئذان ليس قرينة صارفة على مختاره في الوارد بعد الحظر أنه كذلك، فما ذكرها إلا ليقضي بالبقاء في الوجوب.

قالوا: وهو حسن؛ لنفعه في الاستدلال على فرضيَّة الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد بقوله لَمَّا قيل له: "قد علمنا كيف نُسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ " قال: "قولوا: اللهم صَلِّ على محمد" (١) إلى آخِره.

قلتُ: وفيه نظر؛ لأن هذا ليس أمرًا بعد استئذان، بل أمر بكيفية مسئول عنها بعد تَقَرُّر الأصل، فالأصل ليس فيه استئذان ولا سؤال؛ لأن السؤال بِـ "كيف" يقتضي وجود الأصل، وإنما يكون مما نحن فيه لو قيل: هل نصلي عليك؟ أو نحو ذلك.

نعم، هي قريبة من مسألتنا في المعنى وإنْ لم تكن إياها، لكن الأمر بكيفية شيء [منتهٍ] (٢) لذلك الشيء. إنْ يكن واجبًا، كان واجبًا. أو نَدْبًا، كان نَدْبًا، فلا بُدَّ من ثبوت الصلاة أولًا


(١) صحيح البخاري (رقم: ٥٩٩٦)، صحيح مسلم (رقم: ٤٠٦) واللفظ للبخاري.
(٢) كذا في (ص). لكن في سائر النُّسخ: منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>