للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال: وإلا فلا إشكال في إمكان الانتقال مِن بعض الأحكام لبعض كيف كانت.

فَعُلم ضعف الاستدلال على الوجوب بأنه يؤدي للانتقال مِن تحريم إلى وجوب، فيقال: وما المحذور في ذلك؟

تنبيهان

الأول: قولي: (وَإنْ تَرِدْ صِيغَتُهُ) أي: صيغة الأمر -أوضح من تعبير الماوردي وغيره بالأمر بعد الحظر؛ فإنه إذا كان أمرًا فكيف يكون للإباحة والمباح ليس مأمورًا به؟ إلا على ما سبق مِن قول الكعبي ومَن وافقه في أن المباح ترْك الحرام وهو واجب، وسبق جوابه.

نعم، سبق في نَص "الأم" في أول المسألة تعبير الشافعي بالأمر مع قوله: إنه للإباحة. فليحمل على أن المراد لفظ "الأمر"، فإن صيغة "افْعَل" و"لِتَفْعَل" يقال فيها: فِعْل أَمْر، إما بنفسها أو بواسطة لام الأمر، فتُعطَى في العربية أحكام الأمر مِن جَزْم وبناء على السكون أو ما يقوم مقامه وفي نصب الجواب بعده وغير ذلك من أحكام العربية، ولو كانت في المعنى دعاءً أو خبرًا أو نحو ذلك نَظرًا لصورة اللفظ لا للمعنى، فيكون مراد مَن عبَّر بذلك، فلا إشكال وإنْ كان التعبير بالصيغة أوضح في المقصود.

الثانى: قد استُشكل المختار من الأقوال -وهو أنه للإباحة- بأمرين:

أحدهما: أنَّ كون تَقَدُّم الحظر قرينة صارفة له عن الوجوب ليس بأَوْلى من كونه قرينة مقتضية لكونه تهديدًا، فيكون تقريرًا للحظر السابق. كذا عارض به ابن عقيل الحنبلي.

وجوابه: أن أقرب المجازين للحقيقة هو الذي يُصار إليه، وأقربهما كونه طلبًا أو إذنًا في الفعل، لا منعًا؛ لأنه ضده.

ثانيهما: أنَّ هذا تعارضه القاعدة الفقهية، وهي أن كل ما كان ممنوعًا لو لم يجب يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>