للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الداعية تدعو إلى ذلك الفعل، فورود الأمر على وَفْقها يقتضي عدم الوجوب، أو غير ذلك.

أما الصرف بذلك عن الإباحة عند مَن يقول بها هنا فلا.

وقد يُدَّعى أن زيادة الاستحباب على أصل الإباحة بدليل آخَر.

والسادس: أنها لرفع الحظر السابق وإعادة حال الفعل إلى ما كان قبل الحظر، فإنْ كان مباحًا، كانت للإباحة، نحو: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] (١)، أو واجبًا، كانت للوجوب، نحو: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] إذا قلنا بوجوب الوطء. واختاره بعض محققي الحنابلة، ونسبه للمزني، قال: وعليه يُخرج قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥].

وهو ظاهر كلام القفال الشاشي حيث قال في {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢]: إنه ليس بايجاب، بل إباحة، كأنه قال: فإذا تطهرن فهن على الحالة الأُولى.

وكذا في زيارة القبور: "فزوروها" (٢)، أي: فقد أبحْتُ لكم الآن ما حظرتُه عليكم.

قال ابن دقيق العيد: إنَّ مَن يرى تَقدُّم الحظر قرينة صارفة للأمر عن مقتضاه ليس له مستند إلا العُرف أو أكثرية الاستعمال كما سبق من الأمثلة.

أي: وإن ورد في بعضها بخلافِه، نحو: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا} [التوبة: ٥]، فإن الجهاد واجب. ونحو: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] أيْ: فاحلقوا، والحلق نُسُك. وكذا: "إذا أدبرت الحيضة فاغسلي عنك الدم وصلِّي" (٣) فإنه واجب أيضًا.


(١) في جميع النُّسخ: فإذا.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٢٢٦) بلفظ: (فإذا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ، ثم صَلِّي)، صحيح مسلم (٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>