للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واختاره أيضًا إلْكِيَا الهراسي.

قلتُ: وهذا التفصيل مُفرَّع على القول بأنَّ أصل الأشياء الإباحة، أما إذا قيل: الحظر، فكل صيغة أمر بعد حَظر، فلأجْل ذلك قال صاحب "الواضح" من المعتزلة وصاحب "المصادر" من الشيعة: إنَّ محل الخلاف إذا كان الحظر السابق شرعيًّا، لا عقليًّا. وصرح بذلك أيضًا القاضي عبد الوهاب مِن المالكية، وهو أظهر مِن قول أبي الحسين بن القطان من أصحابنا: إنه لا فرق في الحظر السابق بين الشرعي والعقلي.

الرابع: الوقف بين الإباحة والوجوب. وحكاه سليم عن المتكلمين، واختاره إمام الحرمين والغزالي في "المنخول"، وقال ابن القشيري: إنه الرأي الحقُّ.

والخامس: أنه للاستحباب. وبه جزم القاضي الحسين (١) (في "باب الكتابة" من "تعليقته" (٢) ومَثَّله بنحو: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣]. قال الشافعي: إنه للاستحباب. وإنْ حُكي عنه قول آخَر بالوجوب.

وإنما كان ذلك من الأمر بعد الحظر، لأن بيع الإنسان ماله بماله ممتنع بلا شك.

وكقوله - صلى الله عليه وسلم - في خِطبة المغيرة: "انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" (٣)، ونحو ذلك، فإن أصح الوجهين: الاستحباب، وثانيهما: الإباحة. ومنشأهما -كما قال الإمام- هذه القاعدة.

وإنما لم يحمل على الوجوب، لذلك، أو لأن من قرائن الصرف عن الوجوب كون


(١) هنا آخِر نُسخة (ظ).
(٢) في (ص): تعليقه.
(٣) سنن الترمذي (رقم: ١٠٨٧)، سنن ابن ماجه (١٨٦٥)، وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (صحيح سنن الترمذي: ١٠٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>