للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحدها: أن يكون الله عز وجل حرم شيئًا ثم أباحه، فكان أمره إحلال ما حرم، كقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، وكقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١٠]) (١) إلى آخِر ما ذكره.

فذكر مِن الوجوه التي يحتملها {وَأَنْكِحُوا} الوجه الذي ليس غيره في نحو: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١٠]، فهو جازم فيه بذلك.

ونقله القاضي عبد الوهاب أيضًا والباجي وابن خويز منداد عن مالك؛ ولذلك احتج على عدم وجوب الكتابة بقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣]، فقال: هو توسعة، كقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢].

القول الثانى: أنه على حالِه للوجوب كما لو وردت ابتداءً، وبه قال الإمام وأتباعه كالبيضاوي. وهو قول المعتزلة كما أن صيغة النهي بعد الوجوب لا تخرج عن التحريم، لكن ستأتي المسألة في موضعها والفرق بينهما.

وصححه أيضًا القاضي أبو الطيب في "شرح الكفاية" والشيخ أبو إسحاق وابن السمعاني، ونقله الماوردي عن أبي حامد، وهو كذلك، فإنه نصره في كتابه ونقله عن أكثر أصحابنا، قال: وهو قول كافة الفقهاء والمتكلمين.

وقال الأستاذ أبو منصور: هو قول أهل التحصيل مِنا. وقال سليم الرازي في "التقريب": إنه قول أكثر أصحابنا. وقال ابن برهان في "الأوسط": إليه ذهب معظم العلماء. وقال إمام الحرمين: إن القاضي قال: لو كنت من القائلين بالصيغة لَقطعتُ بأنها بعد الحظر للوجوب.

ونقل غيره عن القاضي غير ذلك، فالنقل عنه مضطرب.


(١) الأم (٥/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>