للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقولي: (فَفَازَ الْمُسْتَحِي) أي: سَلمَ مِن الذم، وهو اسم فاعل من "استحَى" كما سبق وهو ظاهر، أو من "استحْيَى"، وأصْله "المستحْيِي" ولكن حُذفت الياء الثانية وسُكنت الأُولي؛ للضرورة.

تنبيه:

كما جاءت صيغة الأمر بمعنى الخبر جاء عكسه وهو الخبر بمعنى الأمر، نحو: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: ٢٣٣].

وكذا يجيء بمعنى النهي، كما في حديث ابن ماجه بسند جيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُزَوِّجُ المرأة المرأة، ولا تزوجُ المرأة نفسها" (١) بالرفع، إذْ لو كان نهيًا لَجُزِم، فيُكسر؛ لالتقاء الساكنين.

قالوا: وهو أَبْلَغ من صريح الأمر والنهي؛ لأن المتكلم -لشدة تَأَكُّد طلبه- نَزَّل المطلوب منزلة الواقع لا محالة.

ومن هنا تعرف العلاقة في إطلاق الخبر بمعنى الأمر والنهي.

وحركَ ابن دقيق العيد في "شرح العنوان" هنا بحثًا لطيفًا، وهو أن صيغة الخبر بمعنى الأمر والنهي هل يجري فيهما الخلاف في كونهما حقيقة في الوجوب والتحريم ويترتب عليهما أحكام ذلك؟ أو لا؟ ولم يرجِّح شيئًا.

ووقع النزاع في ذلك بين ابن تيمية، فقال: (إنه يجري كذلك)، وبين ابن الزملكاني، فقال: (لا يجري فيه شيء من ذلك، إنما ذلك في الصيغة الأصلية). قال: فدعوَى خِلاف


(١) سنن ابن ماجة (رقم: ١٨٨٢)، سنن الدارقطني (٣/ ٢٢٧)، سنن البيهقي الكبرى (١٣٤١٠). قال الألباني: (صحيح دُون جملة الزانية). صحيح سنن ابن ماجه (١٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>