وقيل: المعنى: إذا لم تَسْتَحِي من شيء لِكونه جائزا فاصنعه؛ إذِ الحرام يُستَحْيَا منه، بخلاف الجائز.
وقال ابن عبد السلام: هو إما تَهكُّم أو معناه: اعْرِضْه على نفسِك، فإنِ استحييت منه لو اطُّلع عليه فلا تفعله، وإنْ لم تستحي فاصنع ما شئت من هذا الجنس.
وجَوَّز غيره أن يكون معناه الوعيد، أي: افعل ما شئت، فأنت تُجازَى به. فيكون كقوله تعالى:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠].
وقيل: المراد: لا يمنعك الحياء من فعل الجائز.
وقيل: إنه على طريقة المبالغة في الذم، أي: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت، فتركك الحياء أعظم مما تفعله؛ لأن السياق في مدح الحياء، فقد قَدَّم أنه من النبوة الأُولى، أي: إنه أمر ثابت منذ زمان النبوة، فما مِن نبي إلا وقد ندب إلى الحياء وبعث عليه، ولم يُنسخ فيما نُسخ من شرائعهم، ولم يُبَدَّل فيما بُدِّل؛ لأنه معلوم صفاته وفضله.
وقولي: ("إذَا لَمْ تَسْتَحِيْ) إما أن أصله "تستحيي" بكسر الياء؛ لأن أصل الفعل "تستحيي" بيائين، فحذفت الثانية؛ للجازم، فسكنت الياء الثانية؛ للضرورة؛ لأن "اسْتَحْيَى يَسْتَحْيِي" هو الأفصح الأشهر.
وإما أنه جاء على اللغة الأخرى، وهي "استحَى يستحِي" بياء واحدة، فهو مُستحٍ، مثل: استقَى يستقِي فهو مستقٍ.
وقُرئ بذلك في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}[البقرة: ٢٦]، ويُروى عن ابن كثير، وهذه الياء تحذف؛ للجازم.