للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السابع عشر: التمني، كقول امْرئ القيس: (ألا أيها الليل الطويل ألا انْجَلي).

وإنما حُمل على التمني دون الترجي؛ لأنه أَبلَغ، لأنه نَزَّلَ ليلَه -لِطولِه- منزلة المستحيل انجلاؤه، كما قال آخَر: (وليل المحب بلا آخِر).

والأحسن تمثيل هذا كما مثَّله ابن فارس بقولك لشخص تراه: (كن فلانًا)؛ لأن بيت امرئ القيس قد يُدَّعَى استفادة التمني فيه من "ألَا"، لَا من صيغة "افْعَل"، بخلاف هذا المثال.

وقد يقال: إنَّ "ألَا" قرينة إرادة التمني بِـ "افْعَل"، وأما: "كن فلانًا" فليس تَمَنيًا أن يكون إياه، بل الجزم به وأنه ينبغي أن يكون كذلك، والله أعلم.

ص:

٥٣٥ - وَخَبَرٌ نَحْوُ "إذَا لَمْ تَسْتَحِيْ ... فَاصْنَعْ لِمَا شِئْتَ"، فَفَازَ الْمُسْتَحِي

الشرح:

أي: وكذا الخبر يراد بصيغة "افعل" و"لِتفعل"، وهو الثامن عشر مِن معانيهما، نحو: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} [التوبة: ٨٢]، {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: ٧٥]، {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: ١٢]. ومنه على رأْيٍ: "فليتبوأ مقعده من النار" (١). أي: فهو مُتَبَوِّء ذلك. وقيل: المراد: لِيَتَخَيَّر أيّ المواضع من النار شاء، فإنَّ دخوله لها لا بُدَّ منه.

ومن ذلك أيضًا حديث أبي مسعود في "البخاري" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأُولى: إذا لم تَسْتَحِي، فاصنع ما شئت" (٢). أي: مَن لا يَسْتَحْيِي فهو يصنع


(١) صحيح البخاري (رقم: ١١٠)، صحيح مسلم (رقم: ٣).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٣٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>