للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومثله قول عمرو بن العاص في مشاورته في رجل من بني هاشم خرج في العراق على معاوية فأمسكه، فأشار عمرو بقتله، فخالفه معاوية، لشدة حلمه وعفا عنه، فخرج عليه ثانيًا، فقال:

أمرتُك أمرًا جازمًا فعصيتني ... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم

ومثل ذلك من المحتمل للتأويل كثير، عَلى أن البيضاوي -في تقسيم الألفاظ- اعتبر في الأمر العلو، إلا أن يقال: ذاك بحسب الاصطلاح، وهذا بحسب اللغة.

نعم، أصرح منه في إفساد قول العلو قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: ٢٦٨] مع أن الشيطان أَدْوَن، وفي إفساد الاستعلاء ورود آيات في الكتاب العزيز فيها الأمر مع اقتران غاية التلطف ونهاية الاستجلاب بتذكيرهم النعم، كقوله تعالى: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١]، وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] إلى غير ذلك.

قولي: (الْعَلَاءُ) عبَّرتُ به دون لفظ "العلو"؛ لأن المراد: الشرف، ويقال فيه: "عَلِيَ" بالكسر "يَعْلَى" بالفتح "علاء"، وفي المكان "عَلَا" -بالفتح- يعلو علوًّا, ولأن العلو قد يستعمل في الاستعلاء. قال الجوهري: (وعلا في الأرض: تكبَّر علوًّا) (١).

هذا مع ملائمة لفظ "العلاء" [للنَّظم] (٢) كما ترى، والله أعلم.


(١) الصحاح (٦/ ٢٤٣٥).
(٢) كذا في (ص، ش)، لكن في (ض، ظ، ق، ت): للمتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>