للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقولي: (وَلَيْسَ الِاسْتِعْلَاءُ) إلى آخِره -المراد به أنه لا يشترط في الأمر والنهي لا استعلاء ولا عُلُو على أرجح المذاهب، ونقله في "المحصول" عن أصحابنا.

والمراد بِـ "العُلُو" أن يكون الآمِر في نفسه عاليًا، أيْ أعلى درجة من المأمور، و"الاستعلاء" أنْ يجعل الآمِر نفسه عاليًا بكبرياء أو غير ذلك، سواء أكان في نفس الأمر كذلك أو لا، فالعلو من الصفات العارضة للآمِر، والاستعلاء من صفة صيغة الأمر وهيئة نُطقه مثلًا.

والمذهب الثاني: أنهما يعتبران في الأمر والنهي. وبه جزم ابن القشيري والقاضي عبد الوهاب.

والثالث: يعتبر العلو، لا الاستعلاء. وهو قول المعتزلة، ووافقهم من أصحابنا الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وابن الصباغ وحكاه عن أصحابنا وابن السمعاني، واختاره القاضي أبو الطيب الطبري والقاضي عبد الوهاب في "الملخص" ونقله عن أهل اللغة وسليم وأبو بكر الرازيان وابن عقيل الحنبلي وأبو الفضل بن عبدان من أصحابنا في "شرائط الأحكام".

قالوا: فإنْ كان مساويًا فهو التماس، أو دُونه فسؤال.

الرابع: يعتبر الاستعلاء، دون العلو. وهو قول أبي الحسين من المعتزلة، وصححه الإمام والآمدي وابن الحاجب وابن برهان في "الأوسط".

ويفسد كلاًّ من القولين -العلو والاستعلاء كما قاله البيضاوي- قولُه تعالى حكايةً عن قول فرعون لقومه في مجلس المشاورة: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الشعراء: ٣٥]، ومعلوم انتفاء العلو؛ لأن فرعون أعلَى رتبة منهم، وانتفاء الاستعلاء؛ لأنهم لا يستعلون عليه.

ولكن فيه نظر؛ لأنه ليس الأمر في الآية بمعنى القول المخصوص، وإنما المراد: ماذا تشيرون به عَلَيَّ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>