للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]، فهذان نبيان كريمان، فَهَّمَ اللهُ ــ سبحانه وتعالى ــ أحدهما الحكومة، وأثنى على كلٍّ منهما بما آتاه من الحكم والعلم، والعلماء ورثة الأنبياء، فإذا خَصَّ أحدهما بفهمٍ وعلمٍ في مسألة= لم يمنع ذلك أَنْ يُعَظَّمَ الآخَرُ ويُثنى عليه بما أعطاه الله من العلم والحكم، لا سيما والآخر قد يكون في مسألة أخرى هو المصيب (١).

وكل مجتهد مصيب؛ بمعنى: أنه هو مطيع لله إذا استفرغ وسعه، فاتقى الله حق تقاته (٢).

وأما بمعنى معرفة حكم الله الباطن، فلا يكون المصيب إلا واحدًا (٣)؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ


(١) انظر ما تقدم (ص ١٨١).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٠)، الفتاوى العراقية (٢/ ٨٤٠).
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٣٨) (١٣/ ١٢٤ - ١٢٥) (١٩/ ٢٠٤) (٢٠/ ١٩ وقد سئل فيها: هل كل مجتهد مصيب؟ أو المصيب واحد والباقي مخطئون؟) (٣٣/ ١٥٠)، الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٦٨) (٤/ ٢٧) (٦/ ٩٦، ٢٢٣)، جامع المسائل (٥/ ٧٨)، المستدرك على مجموع الفتاوى (٢/ ٢٣٤) (٣/ ٢٠٥)، اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ١٥١) (٢/ ٣٨١)، منهاج السنة (٥/ ٨٤ وما بعدها) (٦/ ٢٧)، الإخنائية (ص ١٠٧، ٤٥٦)، الاستقامة (١/ ٣٧، ٥٠).
وقد ذكر ابن رشيق في أسماء مؤلفات ابن تيمية (ص ٣٠٨ الجامع) قاعدة بعنوان: قاعدة في المخطئ في الاجتهاد هل يأثم؟ وهل المصيب واحد؟