للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الرابع: أَنَّ قولَ المفرِّقِ بينهما: إنه إذا قال: (إِنْ فعلتُ كذا فعليَّ أَنْ أُعتق عبدي [١٥٣/ أ] فلانًا؛ كان هذا من نذر اللجاج والغضب، لأنَّ المشروط التزام إنشاء عتقه لا وقوع عتقه، والملتزم للإنشاء قد يفي بما وجب عليه وقد لا يفي، وأما المعلِّقُ للوقوع فغير متمكن من الرجوع عن مقتضاه، والمعلِّق للطلاق والعتاق المشروط في كلامه (١) صيرورة المرأةِ طالقًا والعبد حرًّا؛ لا أنه ينشئ لهما طلاقًا وعتقًا، هذا مقتضى كلامه ومقصوده، وبينَ المعنيين بَونٌ عظيم؛ فقد لاحَ الفرق بين هذا وبين نذر اللجاج والغضب).

يقال له: الفَرْقُ كالجمع؛ فلا يجوز أَنْ يُجْمَع بين فرعٍ وأصلٍ ولا يفرق بينهما في الأحكام الشرعية إلا بالصفات المؤثِّرة في الشرع التي عَلَّقَ بها الشارع الأحكام لا بغير ذلك من الصفات، وإِنْ كانت من أظهر الأمور (٢)، وَمَنْ جَمَعَ بينَ ما فَرَّقَ الله بينه كان بمنزلة الذين قالوا: إنما البيع مثل الربا، وقالوا: تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله= فقاسوا الميتة على المُذَكَّى، والربا على البيع.


(١) في الأصل: (كلاهما)، والمثبت هنا هو المثبت في أول الفصل، والمثبت - كذلك - في «التحقيق».
(٢) قرر هذا المعنى ابن تيمية في كثيرٍ من المواضع منها: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٩٥) (٢١/ ٢٧) (٢٣/ ٢٩٧) (٢٤/ ٣٥) (٢٧/ ٣١٦)، الفتاوى الكبرى (٦/ ٢٦٧)، مجموعة الرسائل والمسائل (٢/ ٤)، جامع المسائل (٢/ ٢٠٦)، المستدرك على مجموع الفتاوى (٢/ ١٥٥)، الاستقامة (١/ ٣٤٣)، الصارم المسلول (٣/ ٧٧١)، شرح عمدة الفقه (١/ ٣٣٠).
وانظر: (ص ١٠١ وما بعدها، ٩٣١).