للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول طاووس ــ رحمة الله عليه ــ مِنْ جنسِ قول ابن عباس وعائشة وغيرهما.

وفي الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكهان. فقال: «ليس بشيءٍ» (١). فنفى ما ظنه السائل من أنهم يعلمون ما يُسألون عنه، ويَصدقون في ذلك؛ فأخبر أنهم ليسوا كذلك، وإنما يقع في كلامهم بعض الصدق بسبب ما تلقيه الشياطين إليهم من استراق السمع.

[١٧٧/ ب] ومنه قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [المائدة: ٦٨] أراد: لستم على حق وهدى حتى تفعلوا ذلك، فنفى ما يَدَّعونه مِنْ أنهم على حق وهدى.

ومن ذلك: قول أهل الجرح في بعض الرواة: ليس بشيء، ينفون ما يُقصد منه وهو تصديقه في نقله، فإذا قالوا: ليس بشيءٍ؛ كان نفيًا لصدقه المطلق، فلا يوثق به، بخلاف من يكثر صدقه وضبطه ويغلط أحيانًا = فهذا لا يقولون فيه: ليس بشيء (٢).

وقد عُرِفَ مذهب طاووس ــ رحمة الله عليه ــ من غير وجه: أَنَّ الحلف بالطلاق يمين منعقدة ليست لغوًا، مع أنها كما نقل عنه ابنه لا يقع بها طلاق، وَعُرِفَ من مذهب طاووس أَنَّ كل تعليق يقصد به اليمين فهو عنده يمين مكفرة.


(١) تقدم تخريجه في (ص ٢٢٠)، وهو في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) تقدمت الإشارة إلى معنى قولهم: (ليس بشيء) في كلام المجيب (ص ٢١٧).