تاسعها: تركه، أي: المصلي عمد كلام البشر، أى: الإمساك عنه، فلو تكلم المصلي عامدا بما يصلح لخطاب البشر وإن لم يقصد خطابهم، أو تعلق بمصلحة الصلاة، كقوله للإمام:(لم تصل إلا ثلاثا) .. بطلت صلاته، والأصل فيه: ما رواه مسلم عن زيد بن أرقم: (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت {وقوموا لله قانتين}[سورة البقرة: ٢٣٨]، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام)، وعن معاوية بن الحكم: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟ ! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني .. سكت، فلما صلي النبي صلى الله عليه وسلم .. قال:(إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس).
ثم بين المصنف كلام البشر بقوله:(حرفين أو حرف بمد صوتكا أو مفهم) أى: حرفين أو أكثر ولو بغير إفهام، لأن ذلك من جنس كلامهم، والكلام يقع على المفهم وغيره مما هو حرفان فأكثر، وتخصيصه بالمفهم اصطلاح للنحاة، أو حرف ممدود وإن لم يفهم، نحو (آ)، والمد: ألف أو واو أو ياء، وهي حروف مخصوصة، فضمها إلي الحرف كضم حرف آخر إليه، أو حرف مفهم، نحو (ق) من الوقاية و (ع) من الوعي، لأنه كلام تام لغة وعرفا وإن أخطأ بحذف هاء السكت، بخلاف غير المفهم فاعتبر فيه أقل ما يبني عليه الكلام وهو حرفان.
ولا تبطل الصلاة بإجابة النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا في عصره مصليا على الأصح، ولا بالنذر على الأصح، لأنه مناجاة فهو من جنس الدعاء، قاله في (المجموع)، ومحله: إذا لم يكن فيه خطاب آدمي، ولا بإنذار مشرف على الهلاك إذا لم يمكن إلا به على ما في (التحقيق) واقتضاه كلام (المجموع)، لكن الأصح في (الروضة) و (أصلها) وغيرهما: البطلان مع وجوبه.