نحوه، والقاضي والبغوي: أن يخرج إلى مكان لا تلزمه فيه الجمعة، لعدم سماعه النداء، إلا راكب نحو سفينة أو هودج، فإنه يجب عليه الاستقبال وإتمام الأركان، لتمكنه منهما، ويستثني منه ملاح السفينة الذي يسيرها فلا يشترط استقباله، ومن ركب على سرج أو نحوه .. لم يلزمه الاستقبال إلا عند إحرامه إن سهل عليه، كأن كانت دابته سهلة غير مقطورة، أو يستطيع الانحراف بنفسه، بخلاف ما إذا عسر عليه، كأن كانت عسرة أو مقطورة لا يستطيع الانحراف، فلا يلزمه الاستقبال في إحرامه أيضا، للمشقة واختلال أمر السير عليه، قال ابن الصباغ: والقياس: أنه مهما دام واقفا .. لا يصلي إلا إلي القبلة، قال في (المهمات): وهو متعين.
وفي (الكفاية): أنه لو وقف لاستراحة أو انتظار رفقة ... لزمه الاستقبال ما دام واقفا، فإن سار .. أتم صلاته إلى جهة سفره إن كان سفره لأجل سير الرفقة، وإن كان مختارا له بلا ضرورة .. لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلاته، لأنه بالوقوف لزمه فرض التوجه، وفي (المجموع) عن (الحاوي) نحوه. انتهى.
أما الماشي ... فيستقبل في إحرامه وركوعه وسجوده وجلوسه بين السجدتين، ويلزمه إتمامها، وله المشي في القيام والتشهد والاعتدال، ولو انحرف المتنفل عن مقصده إلى القبلة .. لم يضر، أو إلي غيرها عمدا ولو قهرا ... بطلت صلاته، وكذا لنسيان أو خطأ أو جماح إن طال زمنه، وإلا ... فلا تبطل، ولكنه يسجد للسهو.
ولو توجه إلى مقصده في غير الطريق .. لم يضر، ومن لا مقصد له معين كالهائم، أو له مقصد معين غير مباح كالآبق والناشزة ... لا رخصة له.
فإن بلغ المسافر المكان الذي ينقطع به السير أو بنيان بلد الإقامة ... لزمه أن ينزل عن دابته إن لم يستقر في نحو هودج، ولم يمكنه أن يتمها مستقبلا وهي واقفة، لا المار ولو بقرية له فيها أهل.
وله الركض لحاجة، فلو أجري الدابة، أو عدا الماشي بلا حاجة ... بطلت، ولو أوطأها نجاسة .. لم يضر، لا إن وطئها الماشي ناسيا وهي رطبة، فلا يعفي عما يعلق به منها، أو عامدا ولو يابسة وإن لم يجد عنها مصرفا. ويشترط في صحة صلاة الفريضة: الاستقرار والاستقبال وإتمام الأركان، فلو صلاها في هودج على دابة واقفة، أو سرير يحمله رجال وإن مشوا به، أو في الأرجوحة أو الزورق الجاري .. صحت.