وخرج بقوله:(عمدا) ما لو سبق لسانه إليه فإن صلاته لا تبطل به إن كان قليلا، لأن الناسي مع قصده الكلام معذور، فهذا أولي، وإن كان كثيرا بطلت صلاته في الأصح، ومثله من نسي كونه في الصلاة، كأن سلم ناسيا، ثم تكلم عامدا، لخبر (الصحيحين) عن أبي هريرة: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم من ركعتين، ثم أتي خشبة بالمسجد واتكأ عليها كأنه غضبان، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال للصحابة: (أحق ما يقول ذو اليدين؟ ) فقالوا: نعم، فصلي ركعتين آخرين ثم سجد سجدتين) وجه الدلالة: أنه تكلم معتمدا أنه ليس في صلاة وهم تكلموا مجوزين النسخ، ثم بني هم وهو عليها.
أو جهل تحريم الكلام إن قرب عهده بالإسلام، لخبر معاوية السابق، أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء، أو جهل تحريم ما أتي به مع علمه بتحريم جنس الكلام، أو جهل كون التنحنح مبطلا على الأصح، لخفاء حكمه على العوام.
وبقوله:(كلاما للبشر) الذكر والدعاء، فإن الصلاة لا تبطل بشئ منها إذا لم يكن فيه خطاب على ما سيأتي، والمرجع في القلة أو الكثرة إلى العرف.
قال في (المجموع): ولو سلم إمامه فسلم معه، ثم سلم الإمام ثانيا فقال له المأموم: قد سلمت قبل هذا، فقال له كنت ناسيا ... لم تبطل صلاته، لأن سلامه الأول سهو، ولا صلاة المأموم، لأنه لم يخرج منها بسلامه الأول، وتكليمه الإمام سهو، لأنه يظن أنه تحلل فيسلم ثانيا، ويندب له سجود السهو، لأنه تكلم سهوا بعد انقطاع القدوة.
وقوله:(ولو بكره) أى: تبطل الصلاة بكل مما ذكر ولو كان بكره، لأنه نادر كما لو أكره على الصلاة بلا طهارة، أو قاعدا .. فإن الإعادة تجب، وهذا بخلاف النسيان، وإنما لم تبطل الصلاة بغضب ثوب المصلي، لأن للغاضب فيه غرضا، قاله في (المجموع)، وفي بعض النسخ:(ولو بضحك).