للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطالب بإتمام الإصلاح في اللغة وقد قارب. أما أمر الحكومة والمحكوم فتركته للقدر يقدره ولِيَدِ الله بعد ذلك تدبره" (١).وصلة العقل عند الإمام بالدين وثيقة "أن العقل وحده لا يستقل بالوصول إلى ما فيه سعادة الأمم بدون مرشد إلهي" (٢) وقد أكرم الإسلام العقل "ورفع القرآن من شأن العقل ووضعه في مكانه بحيث ينتهي إليه أمر السعادة والتمييز بين الحق والباطل والضار والنافع" (٣) بل إن الإسلام عنده يعتمد على الدليل العقلي ويحتج به لا بالمعجزات:- "فالإسلام في هذه الدعوة والمطالبة بالإيمان بالله ووحدانيته لا يعتمد على شيء سوى الدليل العقلي والفكر الإنساني الذي يجري على نظامه الفطري فلا يدهشك بخارق للعادة ولا يغشى بصرك بأطوار غير معتادة ولا يخرس لسانك بقارعة سماوية ولا يقطع حركة فكرك بصيحة إلهية" (٤).ليس هذا فحسب بل يعتمد الإمام أن الإيمان بالله لا يؤخذ من الرسول ولا من الكتاب ولا يصح أخذه منهما بل من العقل "وقد اتفق المسلمون إلا قليلاً ممن لا يعتد برأيه فيهم – على أن الاعتقاد بالله مقدم على الاعتقاد بالنبوات وأنه لا يمكن الإيمان بالرسل إلا بعد الإيمان بالله فلا يصح أن يؤخذ الإيمان بالله من كلام الرسل ولا من الكتب المنزلة فإنه لا يعقل أن تؤمن بكتاب أنزله الله إلا إذا صدقت قبل ذلك بوجود الله وبأنه يجوز أن ينزل كتاباً ويرسل رسولاً" (٥).أما إذا تعارض العقل والنقل عنده فقد "اتفق أهل الملة الإسلامية إلا قليلاً ممن لا ينظر إليه على أنه إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل" (٦).وتولد من رأيه هذا في صلة العقل بالدين أن دعا إلى الاجتهاد ونبذ التقليد وإطراحه فقد "أنحى الإسلام على التقليد وحمل عليه حملة لم يردها عنه القدر فبددت فيالقه المتغلبة على النفوس" (٧) و"علا صوت الإسلام على وساوس الطغام وجهر بأن الإنسان لم يخلق ليقاد بالزمام ولكنه فطر على أن يهتدي بالعلم والإعلام – أعلام الكون ودلائل الحوادث – وإنما المعلمون منبهون ومرشدون وإلى طريق البحث هادون" (٨) وأن الإسلام "صرف القلوب عن التعلق بما كان عليه الآباء وما توارثه عنهم الأبناء وسجل الحمق والسفاهة على الآخذ بأقوال السابقين" (٩).

وقد كان لهذا المنهج أثره في حياة السيد الإمام في أعماله وأقواله فلم يقبل بالحالة التي كان عليها الأزهر لأنها قائمة على التقليد فدعا إلى الإصلاح والتجديد ورأى الجفوة بين العالمين الإسلامي وغير الإسلامي فدعا إلى التقريب وساءته حال التربية والتعليم فدعا إلى التهذيب ونظر نظرة في السياسة أبدى فيها رأيه ولا نريد الإطالة فقد تقدم البيان.

ما يؤخذ عليه:

ليس من السهل ذكر أكثر المآخذ على الشيخ محمد عبده فضلاً عن ذكرها جميعاً، وتقدم ذكر بعضها بما يغني عن إعادته ونذكر هنا منها.

اشتراكه مع أستاذه الأفغاني في المحافل الماسونية ونشاطه فيها وتعاونه مع أستاذه في نشر مبادئها.


(١) ((تاريخ الأستاذ الإمام)) (١/ ١١ - ١٢).
(٢) ((رسالة التوحيد محمد عبده)) (ص ١٢٨ - ١٢٩).
(٣) ((رسالة التوحيد محمد عبده)) (ص ١٩).
(٤) ((الإسلام والنصرانية محمد عبده)) (ص ٥٤ - ٥٥).
(٥) ((الإسلام والنصرانية محمد عبده)) (ص٥٤ - ٥٥).
(٦) ((الإسلام والنصرانية محمد عبده)) (ص٥٩).
(٧) رسالة التوحيد محمد عبده)) (ص١٥٧ - ١٥٨).
(٨) رسالة التوحيد محمد عبده)) (ص١٥٧ - ١٥٨).
(٩) رسالة التوحيد محمد عبده)) (ص١٥٧ - ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>