للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرد على من يدافع عن انتمائه إلى الماسونية بمثل ما رددنا به على من يدافع عن الأفغاني بل هو في محمد عبده أكثر قوة ووضوحاً لتأخر وفاة الشيخ عبده عن الأفغاني وقد كان الشيخ عبده يحتفظ ببعض كتب الماسونية في منزله بخط الأفغاني وقد صودرت أثناء سجنه بمصر. وقد صدرت منه عبارات كعبارات أستاذه الأفغاني تفوح منها رائحة تجاهل الإسلام والدعوة إلى الفرعونية المصرية فمن ذلك قوله "كنت فيمن دعا الأمة المصرية إلى معرفة حقها على حاكمها وهي هذه الأمة لم يخطر لها هذا الخاطر على بال من مدة تزيد على عشرين قرناً" (١) قال هذا القول وهو في القرن الرابع عشر الهجري أو العشرين الميلادي وعلى كلا الأمرين يكون قفز بقوله الحكم الإسلامي بأكمله! فمتى عرفت هذه الأمة ذلك إذا لم تكن عرفته في الإسلام؟!

لا شك أن الدعوة إلى القومية الوطنية إنما هي أيضاً وليدة الماسونية التي تسعى إلى القضاء على الأديان، ولذلك يلاحظ كل من ينظر في سيرة هذا الرجل مظاهر دعوته إلى القومية العربية في سمتين بارزتين: الأولى – أن الشيخ محمد عبده هو الذي صاغ برنامج الحزب الوطني المصري وجاء فيه في المادة الخامسة منه "الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب، وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم إليها" (٢).وفي سنة ١٨٨٨م ثارت في مصر مناقشات صحفية حول تعصب الأقباط في مصر ضد المسلمين فكتب الشيخ محمد عبده مدافعاً عن الأقباط "ليس من اللائق بأصحاب الجرائد أن يعمدوا إلى أحدى الطوائف المتوطنة في أرض واحدة فيشملوها بشيء من الطعن أو ينسبوها إلى شائن من العلم تعللا بأن رجلا أو رجالاً منها قد استهدفوا لذلك ... " (٣).ومن أقواله "أن خير أوجه الوحدة الوطن لامتناع الخلاف والنزاع فيه" (٤) وغاب عن ذهنه أن خير أوجه الوحدة الدين.


(١) ((تاريخ الأستاذ الإمام)) محمد رشيد رضا (١/ ١٢).
(٢) ((الأعمال الكاملة للإمام)) محمد عبده: جمع وتحقيق محمد عمارة (١/ ١٠٧).
(٣) ((الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده)) - جمع وتحقيق محمد عمارة (١/ ١٠٨).
(٤) ((تاريخ الأستاذ الإمام)) محمد رشيد رضا (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>