للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَنْبيهٌ:

القرَاءةُ عَلَى الشَّيخِ أَحَدُ وُجُوهِ التَّحمُّلِ عندَ الجُمْهورِ.

وَأَبْعَدَ مَنْ أَبَى ذَلكَ مِنْ أَهلِ العِرَاقِ، وقَد اشتدَّ إِنكارُ الإِمامِ مَالِكٍ وغيرِهِ مِن المَدَنيِّينَ عَليْهِمْ في ذَلكَ، حتَّى بَالغَ بَعْضُهُم، فَرجَّحَها عَلَى السَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيخِ!

وَذهَبَ جمعٌ جَمٌّ -مِنْهُم البُخاريُّ، وحَكَاهُ في أَوَائلِ «صَحِيحِهِ»، عن جَمَاعةٍ مِنَ الأئمَّةِ- إِلى أَنَّ السَّماعَ مِن لَفْظِ الشَّيخِ، والقِرَاءَةَ عليهِ يَعْني فِي الصِّحَّةِ وَالقُوَّةِ- سَوَاءٌ، وَاللهُ أَعلمُ.

وَالإِنْبَاءُ من حَيثُ اللُّغةُ وَاصْطِلاحُ المُتَقدِّمينَ بمَعْنَى الإِخْبارِ، إِلَّا في عُرْفِ المُتَأَخِّرينَ، فَهُو للإِجازَةِ؛ كَـ «عَنْ»؛ لأنَّها في عُرْفِ المُتأَخِّرينَ للإِجَازةِ.

وَعَنْعَنَةُ المُعَاصِرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ بخلافِ غَيْرِ المُعاصِرِ، فَإِنَّها تَكُونُ مُرسَلةً، أَو مُنْقطِعَةً، فَشَرْطُ حَمْلِها عَلَى السَّماعِ: ثُبُوتُ المُعَاصَرةِ، إِلَّا مِنْ مُدَلِّسٍ؛ فإِنَّها لَيْسَتْ مَحْمولةً عَلَى السَّماعِ.

وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ في حَمْلِ عَنْعَنَةِ المُعَاصرِ على السَّماعِ: ثُبُوتُ لِقَائِهِمَا -أَيْ: الشَّيخِ وَالرَّاوي عَنْهُ- وَلَوْ مَرَّةً وَاحدَةً؛ ليَحْصُلَ الأَمْنُ فِي بَاقي العَنْعَنَةِ عَنْ كَوْنِهِ مِنَ المُرْسَلِ الخَفِيِّ، وَهُوَ المُخْتَارُ، تَبعًا لعَليِّ بْنِ المَدينيِّ، وَالبُخاريِّ، وغَيْرِهِمَا مِنَ النُّقَّادِ.

[قوله] (١): «تَنْبِيهٌ»:

قدَّمنا أنَّ معناه لغةً: الإيقاظ، وعُرْفًا: عنوان البحث الآتي بحيث يُعلَم من الكلام السابق على طريق الإجمال، وقوله: «عِنْدَ الجمهور» بل أجمع المحدِّثون على صحة الأخذِ والتحمل بها، وقوله: «حتى بالَغ بعضهم فرجَّحَها على السَّماَع من لفظ الشَّيخ والقراءِ عليه» المراد بالبعض: ابن أبي ذؤيب، وأبو


(١) زيادة من: (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>