للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَعُثْمَانَ: أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ علَى الدَّيْنِ، وَلكِنْ يَتَلَازَمُ الخَصْمَانِ. فَأَمَّا الحَبْسُ الَّذِي هُوَ الآنَ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ أَنَّهُ يَجُوْزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَذلِكَ أَنَّهُ يُجْمَعُ الكَثِيْرُ فِي مَوْضِعٍ يَضِيْقُ عَنْهُمْ، غَيْرَ مُتَمَكِّنِيْنَ مِنَ الوُضُوْءِ وَالصَّلَاةِ، وَيَتَأَذَّوْنَ بِذلِكَ بِحَرِّهِ وَبَرْدِهِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُحَدَثٌ، وَلَقَدْ حَرِصْتُ مِرَارًا عَلَى فَكِّهِ، فَحَالَ دُوْنَهُ مَا قَدْ اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَأَنَا فِي إِزَالَتِهِ حَرِيْصٌ وَاللهُ المُوَفِّقُ.

وَقَالَ فِي حَدِيْثِ الزُّبَيْرِ فِي شِرَاجِ (١) الحَرَّةِ: فِيْهِ جَوَازُ أَنْ يَكُوْنَ السَّقْيُ لِلأَوَّلِ، ثُمَّ الَّذِي بَعْدَهُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا فِي النَّخْلِ خَاصَّةً، وَمَا يُجرَى مُجَرَاهُ، وَأَمَّا الزَّرْعُ وَمَا لَا يَصْبِرُ عَلَى العَطَشِ أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ وَنَحْوِ ذلِكَ: فَإِنَّ المَاءَ يُتَنَاصَفُ فِيْهِ بِالسَّوِيَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى (٢): {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ}.

وقَالَ فِي سُورَة الضُّحَى: لَمَّا تَوَالَى فِيْهَا قَسَمَانِ، وجَوَابَانِ مُثْبَتَانِ، وَجَوابَانِ نَافِيَانِ. فَالقَسَمَانِ: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}، وَالجَوابَانِ النَّافِيَانِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. والجَوَابَانِ المُثْبَتَانِ: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)}. ثُمَّ قَرَّرَ بِنَعَمِ ثَلَاثٍ، وَأَتْبَعَهُنَّ بِوَصَايَا ثَلَاثٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الوَصَايَا شُكْرُ النِّعْمَةِ الَّتِي قُوْبِلَتْ بِهَا.


(١) في (ب) و (ط): "سراج" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَالشِّرَاجُ بِالشِّينِ المُعْجَمَةِ: جَمْعُ شَرْجَةٍ، وَهِي مَسِيْلُ المَاءِ مِنَ الحَرَّةِ إِلى السَّهْلِ، وَالشَّرْجُ: جِنْسٌ لَهَا، وَالشِّرَاجُ: جَمْعُهَا، كَذَا قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي النِّهَايَة (٢/ ٤٥٦) قَالَ: "وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ: "أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ" وَهُوَ حَديثُنَا المَذْكُوْرُ هُنَا.
(٢) سورة القمر، الآية: ٢٨.