هذه على قدر الساعات الاثنتي عشرة؛ فأول من قدر الساعات الاثنتي عشرة ما لا يزيد بعضها على بعض نوح في السفينة ليعرف بها مواقيت الصلاة.
فسارت السفينة من مكة حتى أخذت إلى اليمن، فبلغت الحبشة، ورجعت إلى جدة، وأخذت على الروم، وجازت الروم، ورجعت على جبال أرض المقدسة، وأوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام أنها تستوي على رأس جبل، فعلمت الجبال بذلك، فتطلعت، وأخرجت أصولها من الأرض، وجعل جودي يتواضع لله عز وجل. فجاوزت السفينة الجبال كلها إلى الجودي، فاستوت ورست، فذلك قوله عز وجل:" واستوت على الجودي "، فشكت الجبال إلى الله، فقالت: يا رب، تطلعنا وأخرجنا أصولنا من الأرض لسفينة نوح، وخنس جودي، فاستوت عليه، فقال الله عز وجل: إني كذلك، من تواضع لي رفعته، ومن ترفع لي وضعته.
ويقال: إن الجودي من جبال الجنة، وقال الله:" يا أرض ابلعي ماءك " بلغة الحبشة، فابتلعت، " ويا سماء أقلعي " أي أمسكي بلغة الحبشة، فابتلعت الأرض ماءها، وارتفع ماء السماء حتى بلغ أعنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه، فأوحى الله تعالى إليه: أن ارجع، فإنك رجس وغضب، فرجع الماء لملح وخم وتردد، فأصاب الناس منه الأذى أو البلاء، فأرسل الله الريح، فجمعها في مواضع، فصار زعاقاً مالحاً لا ينتفع به.
وتطلع نوح فإذا الشمس قد طلعت، وبدا له البذ من السماء، وكان ذلك آية ما بينه وبين ربه عز وجل أمان الغرق.
والبذ: القوس الذي يسمونه قوس قزح، ونهي أن يقال: قوس قزح، لأن قزح شيطان، وهو قوس الله.