أوشكت، رأيته ناجاني على حال سر، ثم ظننت أني أخبر بسره وهو حي! فشق ذلك على عائشة أن يكون سر دونها؛ فلما قبضه الله عز وجل إليه قالت عائشة لفاطمة: ألا تخبريني ذلك الخبر؟ قالت: أما الآن فنعم، ناجاني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل عامٍ مرة، وأنه عارضه القرآن العام مرتين، وأنه أخبره أنه لم يكن نبي بعد نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، وأنه أخبرني أن عيسى عاش عشرين ومئة سنة ولا أراني إلا ذاهب. وهو على رأس الستين، فأبكاني ذلك، وقال: يا بنية، إنه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزية منك، فلا تكوني أدنى من امرأةٍ صبراً. ثم ناجاني في المرة الأخرى فأخبرني أني أول أهله لحوقاً به، وقال: إنك سيدة نساء أهل الجنة.
وفي روايةٍ أخرى بمثله أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعائشة رضوان الله عليها من حديثٍ بمعناه، وأنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر أخيه الذي كان قبله، عاش عيسى مئة وخمساً وعشرين سنة، وهذه اثنتان وستون سنة. ومات في نصف السنة.
قال: هكذا وقع، والصحيح أن عيسى لم يبلغ هذا العمر وإنما أراد به مدة مقامه في أمته.
وعن فاطمة بنت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن عيسى بن مريم مكث في بني إسرائيل أربعين سنة.
وفي حديثٍ عن فاطمة عليها السلام بمعناه قالت: دعاني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن الله لم يبعث نبياً إلا وقد عمر الذي بعده نصف عمره وإن عيسى لبث في بني إسرائيل أربعين سنة وهذه توفي لي عشرين سنة، ولا أراني إلا ميت في مرضي هذا ... الحديث.
وعن سعيد بن المسيب قال: رفع عيسى وهو ابن ثلاثٍ وثلاثين سنة، ومات معاذ بن جبل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.