وعن عاشئة رضي الله عنها قالت: دخل علي أبو بكر فقال: هل سمعت دعاءً علمنيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: وما هو؟ قال: كان عيسى بن مريم يعلم أصحابه: يا فارج الهم وكاشف الغم! مجيب دعوة المضطرين! رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما! ارحمنا رحمةً تغنينا بها عن رحمة من سواك. أو كما قال.
وعن وهب أنه كان إذا قدم مكة تعلق بأستار الكعبة، فدعا بهذه الدعوات؛ وذكر وهب أنه دعاء عيسى عليه السلام وقت رفعه الله إليه، وهو دعاءٌ مستجاب: اللهم أنت القريب في علوك، المتعالي في دنوك، الرفيع على كل شيءٍ من خلقك، أنت الذي نفذ بصرك في خلقك وحسرت الأبصار دون النظر إليك وغشيت دونك، وسبح بها الفلق في النور، أنت الذي جليت الظلم بنورك، فتباركت اللهم خالق الخلق بقدرتك، ومقدر الأمور بحكمتك، مبتدع الخلق بعظمتك، القاضي في كل شيء بعلمك، أنت الذي خلقت سبعاً في الهواء بكلماتك مستويات الطباق مذعنات لطاعتك، سما بهن العلو بسلطانك فأجبن وهن دخانٌ من خوفك، فأتين طائعاتٍ بأمرك، فيهن الملائكة يسبحونك ويقدسونك، وجعلت فيهن نوراً يجلو الظلام، وضياءً أضوأ الشمس، وجعلت فيهن مصابيح يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ورجوماً للشياطين؛ فتباركت اللهم في مفطور سماواتك، وفيما دحوت من أرضك، دحوتها على الماء فأذللت لها الماء المتظاهر، فذل لطاعتك وأذعن لأمرك، وخضع لقوتك أمواج البحار ففجرت فيها بعد البحار الأنهار، وبعد الأنهار العيون الغزار والينابيع، ثم أخرجت منها الأشجار والثمار، ثم جعلت على ظهرها الجبال أوتادا، فأطاعتك أطوادها، فتباركت اللهم صفتك، فمن يبلغ صفة قدرتك! ومن ينعت نعتك! تنزل الغيث وتثني السحاب، وتفك الرقاب وتقضي الحق وأنت خير الفاصلين، ل إلع إلا أنت، إنما يخشاك من عبادك العلماء الأكياس، أشهد أنك لست بإله استحدثناك، ولا رب يبيد ذكره، ولا كان لك شركاء يقضون معك فتدعوهم ويدعونك، ولا أعانك أحدٌ على خلقك فنشك فيك، أشهد أنك أحدٌ صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، ولم يتخذ صاحبةً ولا ولدا، اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً. قال وهب: فلما تم الدعاء رفعه الله إليه.
قال وهب: وهو للشقيقة من هذا الموضع: أشهد أنك لست بإلهٍ استحدثناك ... إلى آخرها.