وعنه قال: سيأتي على الناس زمان يفضي بالصابر فيه الصبر إلى البلاء ويفضي بالفاجر الفجور إلى الرخاء.
وعن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل، زعمتم أن موسى نهاكم عن الزنى وصدقتم، وأنا أنهاكم عنه وأحدثكم أن مثل حديث النفس بالخطيئة كمثل الدخان في البيت، لا يحرقه، فإنه ينتن ريحه ويغير لونه، ومثل القادح بالخشبة، إلا يكسرها فإنه يعجزها ويضعفها.
قال عيسى عليه السلام لرجل: كن لربك كالحمام الألوف لأهله تذبح فراخه ولا يطير عنهم.
وعن وهب بن منبه قال: قال الحواريون لعيسى: من أولياء الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون؟ قال عيسى: الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، والذين نظروا إلى أجل الآخرة حين نظر الناس إلى عاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا ما علموا أن سيتركهم، فصار استكثارهم منها استقلالاً، وذكرهم إياها فواتاً، وفرحهم بما أصابوا منها حزناً، فما عارضهم من نائلها رفضوه وما عارضهم من رفعتها أمر الحق وضعوه؛ خلقت الدنيا عندهم فليسوا يجددونها، وخربت بينهم فليسوا يعمرونها، وماتت في صدورهم فليسوا يحيونها، يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم، رفضوها فكانوا برفضها فرحين، وباعوها فكانوا ببيعها رابحين، ونظروا إلى أهلها ضرعى قد خلت فيهم المثلات، فأحبوا ذكر الموت، وأماتوا ذكر الحياة؛ يحبون الله، ويحبون ذكره، ويستضيئون بنوره؛ لهم خيرٌ عجيب، وعندهم الخبر العجيب؛ بهم قام الكتاب، وبه - يعني - قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا، وبهم علم الكتاب، وبه علموا؛ ليسوا يرون نائلاً مع ما نالوا، ولا أمماناً دون ما يرجون، ولا خوفاً دون ما يجدون.