الألفاظ ترجع في تجريدها لثلاثي ورباعي، أما كونها خماسية الأصول فلا تجد شيئًا قد ورد من ذلك في القرآن؛ لأنه مما لا وجه للعذوبة فيه، إلا الأسماء الأعجمية أو المعرّبة، وسنتعرض بعد ذلك -إن شاء الله- لقضية "التعريب والألفاظ المعربة في القرآن الكريم" لماذا؟ لأنك لو نظرت في هذه الكلمات التي تجدها خماسية أو سباعية كإبراهيم وإسماعيل، وغير ذلك من الخماسي كطالوت وجالوت، هذه الألفاظ لو نظرت إليها تجدها من مقطعين؛ فكأنها كلمتان وليست كلمة واحدة، وذلك يجعلها سهلة في النطق إبرا/هيم، إسما/عيل، طا/لوت، جا/لوت، إسرا/ئيل، جبرا/ئيل، هذه الكلمات تجدها من السهولة بمكان؛ لأنها تعد كلمتين؛ فلذلك ورد استخدامها فيما فوق الثلاثي والرباعي.
وكذلك مظهر آخر من مظاهر النسق الصوتي في القران الكريم: وهو أن تأتي كلمة تعد عند البلاغيين غريبة؛ غريبة لعدم توارد استخدامها أو كثرة استخدامها في كلام العرب، ولثقل النطق بها، فتشمل نوعًا من الغرابة، فيستشهد بذلك بكلمة "ضِيزَى" في قوله تعالى: {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}(النجم: ٢٢)، هذه الكلمة خارج النص القرآني تشعرك بأنها غريبة، وتسأل عن معناها ولماذا لم تستخدم جائرة؟ أو الجور بدلا من هذه اللفظة، أما لو نظرت للنص القرآني ستجد أن هذه اللفظة جاءت مع أسرار الفصاحة جميعًا، في النطق بها.
تأمل المتأملون وأخرجوا مظاهر لفصاحتها، وأنبهك أيها الابن الحبيب أن هذا الكلام وهذه الاجتهادات في إبراز مظاهر الفصاحة كما سنذكر في نهاية درسنا -إن شاء الله- إنما هو اجتهاد من العلماء، وفي النهاية يقال: الله أعلم بمراده، فهذا تذوق يعرض عليك، ولك أن تتذوقه وأن ترى ما فيه، فمثلا في كلمة {ضِيزَى}