للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن حجر رحمه الله على هذه الترجمة: "المذموم من نقلة الأخبار من يقصد الإفساد، وأما من يقصد النصيحة، ويتحرى الصدق، ويجتنب الأذى فلا، وقل من يفرق بين البابين فطريق السلامة في ذلك لمن يخشى عدم الوقوف على ما يباح من ذلك مما لا يباح: الإمساك عن ذلك" (١) وقال رحمه الله في مراد البخاري رحمه الله بالترجمة: "وأراد البخاري بالترجمة بيان جواز النقل على جهة النصيحة؛ لكون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينكر على ابن مسعود نقله ما نقل، بل غضب من مقول المنقول عنه، ثم حلم وصبر على أذاه، اتساء بموسى عليه السلام، وامتثالا (٢) لقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] سورة الأنعام، الآية: ٩٠، وقال النووي رحمه الله في النميمة ونقل الكلام: "فإن دعت حاجة إليها فلا مانع منها، وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به أو بأهله، أو بماله، أو أخبر الإمام أو من له ولاية: بأن إنسانا يفعل كذا، ويسعى بما فيه مفسدة، ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك، وإزالته، فكل هذا وما أشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبا وبعضه مستحبا على حسب المواطن والله أعلم" (٣) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث: "وفي هذا الحديث جواز إخبار الإمام وأهل الفضل بما يقال فيهم مما لا يليق بهم؛ ليحذروا القائل، وفيه بيان ما يباح من النميمة، لأن صورتها موجودة في صنيع ابن مسعود هذا، ولم ينكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك أن قصد ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كان نصح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإعلامه بمن يطعن فيه، ممن يظهر الإسلام ويبطن النفاق ليحذر منه، وهذا جائز كما يجوز التجسس على الكفار ليؤمن كيدهم" (٤) وهذا يؤكد أهمية نقل الكلام عند الحاجة للتحذير والنصيحة الخالصة بشرط أن يكون الأمر واضحا لا شك فيه، وأن لا يحصل بذلك منكر أكبر، والله أعلم.


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٤٧٥.
(٢) المرجع السابق، ١٠/ ٤٧٦.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٤٧٣.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٥١٢، وانظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، ٢١/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>