[التاسعة والأربعون قتل أولياء الله وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس]
التاسعة والأربعون قتل أولياء الله، وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس. قال تعالى في سورة " البقرة "[٦١] : {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}[البقرة: ٦١]
وقال في سورة " آل عمران "[١٨٣] : {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران: ١٨٣]
إلى آيات أخر في هذا المعنى صرحت بما لاقاه الأنبياء والرسل عليهم السلام وأتباعهم المخلصون ودعاة الحق، وبما كابدوه من أعداء الله والجهلة الطغاة، مما تَنْهَدُّ له الصياصي، وتبيض منه النواصي.
هؤلاء أكابر الأمة المحمدية وعلماؤها الأعلام، قد صادفوا عند دعوتهم إلى الحق والمحافظة عليه ما يسود منه وجه القرطاس، وتَشِيب منه لمم المداد.
والأنبياء - صلوات الله عليهم - وأتباعهم المؤمنون - وإن كانوا يبتلون في أول الأمر - فالعاقبة لهم، كما قال تعالى لما قص قصة نوح:{تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}[هود: ٤٩]
وفي الحديث المتفق على صحته «لما أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم رسولا إلى ملك الروم، فطلب من يخبره بسيرته - وكان المشركون أعداءه، لم يكونوا آمنوا به - فقال: " كيف الحرب بينكم وبينه؟ قالوا: الحرب بيننا وبينه سجال، يُدال علينا المرة، وندال عليه الأخرى. فقال: كذلك الرسل تُبْتلى، وتكون لها العاقبة»(١) .
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الجهاد باب دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإسلام والنبوة، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله: ٢٩٤١) ، ورواه مسلم في (الجهاد: ٤٦٠٧) كلاهما بألفاظ قريبة من هاهنا، ولفظ البخاري أقرب إليه.