فإنه كان يوم بدر نصر الله المؤمنين، ثم يوم أحد ابتلي المؤمنون، ثم لم يُنْصَر الكفار بعدها، حتى أظهر الله تعالى الإسلام.
فإن قيل: ففي الأنبياء من قد قُتِل، كما أخبر الله تعالى في الآيات السابقة أن بني إسرائيل يقتلون النبيين بغير الحق، وفي أهل الفجور من يؤتيه الله ملكا وسلطانا، ويسلطه على المتدينين كما سلط بُخْتَ نَصَّرَ على بني إسرائيل، وكما سلط كفار المشركين وأهل الكتاب - أحيانا - على المسلمين.
قيل: أما من قتل من الأنبياء فهم كمن يقتل من المؤمنين في الجهاد شهيدا.
ولهذا قال تعالى:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}[التوبة: ٥٢] أي: إما النصر والظفر، وإما الشهادة والجنة.
ثم إن الدين الذي قاتل عليه الشهداء ينتصر ويظهر، فيكون لطائفته السعادة في الدنيا والآخرة، من قتل منهم كان شهيدا، ومن عاش منهم كان منصورا سعيدا، وهذا غاية ما يكون من النصر، إذ كان الموت لا بد منه، فالموت على الوجه الذي تحصل به سعادة الدنيا والآخرة أكمل، بخلاف من يهلك هو وطائفته، فلا يفوز لا هو ولا هم بمطلوبهم، لا في الدنيا ولا في الآخرة.