ولله الحمد - بل ولا على طائفة مهما كثرت، ولا على جيل معين، ولا في زمن مخصوص، من حين وفاته صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا. بل أجمع علماء الشريعة على وجوب العمل بما يقتضيه الكتاب والسنة، وقبوله ممن أتى به كائنا من كان. وأما قولكم: باستثناء بعض القلة القليلة، فقد وضحنا أن هذا خلاف الواقع، وأنه لم يحصر على طائفة معينة، وإن كان جمهور الناس أعرضوا عن تعاليم دينهم، والعمل به، ولكن لم يحل بينهم وبينه أحد سوى أنفسهم والشيطان.
قال الله تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[سورة الأنعام آية: ١١٦] . نعم يوجد طوائف وأشخاص تمسكوا بهذا الدين أشد من غيرهم، وهيأهم الله لنصرة دينه، والذب عنه بحسب استطاعتهم، امتثالا لقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[سورة آل عمران آية: ١٠٤] ، ولما جاء من أنه يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وفي الحديث:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله تعالى" ١.